تابع الجميع - وعلى خلفية قرار ترامب بالموافقة على نقل سفارة بلاده إلى القدس - ردود الفعل الغاضبة التي شنت على السعودية من قبل بعض العرب، المحسوبين على القضية وعلى الشعب الفلسطيني عددًا ولم يكونوا في يوم من الأيام عدة يُعتد بها.
في صراعهم من أجل إحقاق حقهم وحقنا في فلسطين.
بداية أؤمن كمسلم وعربي وسعودي أن القضية الفلسطينية هي قضيتي وليست حصرًا على الفلسطينيين أنفسهم، هذا الاعتقاد راسخ في قلوبنا راسخ برسوخ القضية ومقدساتها في وجدان كل مسلم وإنسان ينشد العدل والحق والسلام
القضية الفلسطينية منذ بواكير نكبتها الأولى وهي قضية يتاجر بها بعض المثقفين العرب، من منطلقات مختلفة، فالبعض يعلن أن منطلقه إسلامي، والبعض منطلقه عروبي، والبعض منطلقه ألا تنطلق القضية من عقالها إلا وهو شارة البدء وإليه المنتهى والمصير.
يختلف بعض هؤلاء المثقفين في المنطلقات والمبادئ التي تخص القضية، لا يتفقون إلا في طريقة ابتزازهم لنا، وابتسارهم للتاريخ وشواهده المضيئة.
إذا كان هؤلاء ونحن معهم بل وقبلهم ينشدون عدالة للقضية، فمن العدالة ألا تصادر السعودية وجهودها، وألا تصبح هي الهامش الذي يلام ويظلم، العدالة مفهوم واحد لا يتجزأ، ومن العدالة أن تصدح بالحق وألا تتجتزأ الصور وتعيد تصديرها كمظلومية تبتز بها وتقتات بواسطتها.
الشعوب العربية شعوب عاطفية والإعلام عبر سدنته المثقفة والمتمكنة يسيطر على هذه الشعوب ويعيد تشكيل وعيها بما يتواءم وصناعة الابتزاز التي يجيدها منذ بواكير هذه القضية العزيزة علينا.
محزن جدًا بل ومُريب أكثر أن تحضر السعودية في تظاهرة لشجب القرار الترامبي الأخير ويُندد بها وبرموزها وشعبها وكأنهم أسباب النكبة ومقتضى حدوثها.
المثقف الفلسطيني أولاً والعربي بعده، يعي خطورة تزوير التاريخ، وتغيير المفاهيم، ويعرف أكثر من غيره أن هذه الأمور تعد بالمقاييس الأخلاقية جريمة لا تغتفر، فشحن الجماهير وتغذيتها بالافتراءات أمر يتعارض وحرية الرأي ومصداقيته التي تكون منطلقًا لكل فكرة يُراد لها التمكين والاستمرارية.
فلسطين والأقصى قضيتان مركزيتان في وجدان السعوديين حكومة وشعبًا، والمخيال الثقافي والمجتمعي يتعاطى مع هذه القضية كحق لا تشوبه شائبة. ما يؤسفنا كسعوديين، أن يصادر حقنا التاريخي المشرف في دعم القضية، وأن تخفى جهودنا في تكريس وحدة الفلسطينيين وتبني قضيتهم، ويؤسفنا أكثر حال بعض المثقفين العرب والفلسطينيين خاصة الذين تسامحوا مع الأمريكان والإسرائيليين وعلقوا إحباطهم وأحقادهم على السعودية لتحضر مغضوب عليها جماهيريًا، في يوم احتجاجي كان المفترض أن تصوب نيران حناجرهم تجاه الظالم الحقيقي، ولكن بدلاً من ذلك
صوبوا سهام كراهيتهم إلى السعودية ورموزها وغيروا بوصلة الوعي الجماهيري لينظر إلينا وكأننا إسرائيل، في حادثة ترسخ مفهوم مصادرة عقول الجماهير وتطهيرها من كل الحقائق واستبدالها بالبغض والحقد، بالنكران والجحود.
** **
- علي أحمد المطوع