ربما نكون إزاء حضور وغياب أمام الهيبة والذات؛ فحضور أحدهما غياب للآخر والعكس؛ ويظهر هذا جليًّا لدى السلطة السياسية/السياسي والسلطة الاجتماعية/شيخ القبيلة؛ كما يظهر لدى الشيخ/السلطة الدينية؛ والمثقف/السلطة الثقافية؛ فالحضور والغياب هنا متعلق بالسلطة بشتى أنواعها.
يمكن لحضور الذات أن يغيّب الهيبة باعتبار (التواضع) وإظهار البساطة البشرية، وذلك للاستزادة من مدى التأثير والتسلط على الآخر/المجتمع؛ كما أن غياب الذات يكمن في حضور الهيبة التي أيضا تُعين السلطة على إقناع قهري للآخر/المجتمع؛ فالحضور والغياب للهيبة والذات له علاقة قوية بالتسلط/السلطة.
فربما يكون الشيخ غائبًا عن المجتمع؛ ولا يراه هذا المجتمع المعني بأقواله وآرائه؛ وما ذاك الغياب إلا تعميق للسلطة من خلال الهيْبة التي يلبسها بالغياب ويوظفها في قوة السلطة المقنعة للمجتمع/الآخر. ولعلنا نرى السياسي حينما يكون في منأى عن المجتمع؛ ويضحي ظهوره في صورة فوتوغرافية مع أحد من أعضاء المجتمع أمرًا يستحق الفرح والنقل بين المجتمع باعتبار نزوع الهيْبة بحضور الذات التي تصورت فوتوغرافيا مع السلطة/السياسي. ويمكن أن نرى هذا مع المثقف المشهور/السلطة الثقافية التي تظهر في محفل ما فيصبح حضوره غيابًا لتلك الهيْبة المتوارية خلف الذات المتسلطة على الآخر/المجتمع لإقناعها والتأثير عليها.
ومن الممكن لنا أن نستحضر المثل الشعبي (ابعد حبه؛ تزيد المحبة) وغيرها من الأمثال التي تكرس السلطة من خلال حضور الهيبة بغياب الذات لتحضر السلطة؛ ويتم هنا تبادل الأدوار بين الذات/السلطة والهيبة/السلطة؛ والهيبة هنا تتحول إلى سلطة مفتعلة لمحاولة إقناع المجتمع/الآخر. فالمثل هنا يعين السلطة على البعد/(ابعد)/الغياب؛ والحضور/(تزيد المحبة) من خلال الهيْبة التي تولد المحبة القامعة التي تُخضع الآخر/المجتمع له. وبالتالي يتم توظيف المحبة للإقناع والتأثير وليس للعلاقة التشاركية في حياة البشر؛ وهنا يكْمن الفرق بين استعمال هذا المثل لدى المجتمع مع بعضه البعض واستعمال المثل بين السلطة بشتى أنواعها والمجتمع/الآخر.
وقد يكون من الملاحظ أن الهيبة والذات لا تجتمع في موطن ما؛ بل حضورهما وغيابهما يستلزم عدم اجتماعهما وإلا فُقِدت المحبة وبالتالي فُقِدت السلطة واُتِهمت السلطة(السياسي، الشيخ، المثقف، شيخ القبيلة) بالكِبر والغطرسة وحينها سيفقد الهيْبة وسيحلل المجتمع سلطته ويتجاوزها.
** **
- صالح بن سالم
_ssaleh_ @