فهد بن جليد
نحن نعيش تجربة جديدة علينا في المجتمع السعودي مع حساب المواطن، كطريقة أولى - خليجياً على الأقل - للدعم الحكومي لمواجهة الآثار المُترتبة على تصحيح أسعار الطاقة، بتوزيع هذا الدعم بطريقة أكثر كفاءة وذكاء على الفئات المُستحقة للدعم حسب الحالة الاجتماعية، لذا - برأيي - يجب عدم الاستعجال في التحليل والتعليق والتخوف من البعض للحُكم على نجاح البرنامج من عدمه، فنحن نحتاج إلى (عام كامل) على الأقل من التعايش مع هذه التجربة عملياً حتى نحدد بشكل صحيح وعملي ونُقيِّم مدى الاستفادة والأثر، فدورة (الحول) الاقتصادية الواحدة هذه ستكشف للمواطن وتبين له أثر الحساب عليه .
هناك أكثر من عامل سيؤثر حتماً في هذه المُعادلة، أولها فهم المواطن لدوره الحقيقي والمنتظر بعد إقرار هذه الخطوة الحكومية والتي تتطلب أن يُغيِّر هو الآخر من سياساته الشخصية والسلوكية (الاستهلاكية) لتتناسب وتتأقلم مع ظروف المرحلة الجديدة، بحيث لا يجب أن يُبقي على سلوكه في التعامل مع الطاقة بذات الطريقة الاستهلاكية السابقة - عندما كانت الأسعار مدعومة ورخيصة - فالحساب لا يُنتظر منه أن يتبع هذا الاستهلاك المُفرِّط و يُسدد قيمته المُهدَّرة للرفاهية، فهذه السلوكيات يجب أن تتوقف نهائياً بلا رجعة، ويبدأ المواطن في معرفة حاجته الحقيقة للاستهلاك، لأنَّ الاستمرار في الهدر لن يجعل المواطن يشعر بالفرق، ومن باب أولى لن يستفيد هو من هذ الدعم بشكله الصحيح والمُنتظر عقب المُعالجة المالية لآثار تعديل الأسعار, التي كان دعمها سبباً لجعل بعض المواطنين والمقيمين يتعاملون سابقاً مع الطاقة بلا مُبالاة طالما أنَّ الأسعار رخيصة للجميع، فتقديم دعم مالي مباشر للمُستحقين فقط من شرائح المجتمع، سيصبح نقطة تحول جدية في حياة السعويين لناحية خفض الاستهلاك ووقف الهدر، ونشر ثقافة التخطيط المالي المُسبق، والادخارالصحيح، بضبط المصاريف والمداخيل، فضلاً عن ضبط استهلاك الطاقة الذي سيكون الباب الأوسع لضبط لثقافة الاستهلاكية للمواطن السعوي في بقية مناحي الحياة.
حساب المواطن جاء لخدمة المواطن، وتخفيف الأعباء عن كاهله نتيجة ارتفاع الأسعار - بعد وقف الدعم الشامل- و هذا بكل تأكيد لا يعني زيادة أسعار المنتجات الاستهلاكية واستغلال الموقف من بعض التجار، أو المساس بهذه المُخصصات لناحية تسديد القروض أو المُتأخرات المالية، فحماية الدعم المالي المُخصص لحساب المواطن هو أول أبواب نجاحه بكل تأكيد لتحقيق الهدف المنشود، بعيداً عن جشع وطمع من ينتهزون الفُرص...
انتهت المساحة، غداً نكمل العوامل المؤثرة في حساب المواطن.
وعلى دروب الخير نلتقي.