د. زايد الحارثي
إنّ الحملة الوطنية التي بدأت يوم الأربعاء الماضي من قِبل وزارة الداخلية بعنوان وطن بلا مخالف أولاً حملة مشروعة ومطلب وطني أمني اجتماعي اقتصادي بلا منازع. وقد تحلت الدولة أعزّها الله بدرجة مثالية من الصبر والرحمة وسعة الصدر، حيث أمهلت المخالفين مدداً كافية لا يمنحها أي بلد آخر. بل إنّ جميع الدول الكبرى والعظمي وغيرها تمنع بداية أي دخول غير شرعي وغير نظامي لبلادها والدول الأوربية وأمريكا كلها بل والدول الآسيوية والإفريقية، وجميع الدول تحارب أي إقامات مخالفة من عمال وغيرهم على أراضيها وتفرض عقوبات شديدة علي المخالفين والمتعاونين والمتسترين. وبلدنا - حفظها الله - نظراً لمكانتها الإسلامية وكونها قبلة المسلمين ومأوى الأفئدة يفد إليها الملايين كل عام وتكرمهم وترحب بهم وتسهل أداءهم الفروض الشرعية. ومع الأسف إن كثيراً ممن يأتي للحج أو العمرة يستغل التسامح والترحيب من قِبل الدولة لهم، فيقررون أن يبقوا في البلد للكسب والعيش، وليس هذا فحسب، بل إنّ العمالة التي يستقدمها المواطنون بطريقة نظامية يلجأ الكثير منهم للهروب والعمل لدى آخرين بشكل غير نظامي.
ولا يخفي على أحد ما يترتب علي بقاء العمالة المخالفة من نتائج سلبيه وآثار مدمرة على الأمن والاقتصاد والنسق الاجتماعي والأخلاقي. وليس المجال هنا لتعداد هذه الآثار والنتائج، فقد أصبحت حقيقة تحتفظ الجهات الأمنية والدراسات المختلفة بتفاصيل عن هذه الآثار. إنه لم يَعُد هنا مجال التراخي أو التأجيل في مكافحة هذه الظاهرة.
ولعل قيام هذه الحملة في الأسبوع الماضي من جهات متعددة وشاملة من قِبل وزارة الداخلية أعانها الله ووفق المسؤولين فيها، قد أثبتت في بدايات عملها حجم الإعداد المخالفة التي تم رصدها والقبض عليها. وهذه الحملة الوطنية التي تهدف إلى تطهير المجتمع من هذه الظاهرة المؤذية لن يكتب لها النجاح المطلوب، ما لم يستشعر المواطن والمقيم إقامة نظاميه، أنه من الواجب دعم هده الحملة، بل والمشاركة في إنجاحها لأنها أولاً وأخيراً تسعى لحفظ حقوق الجميع وتحمي الجميع من الظواهر السلبية. إنّ واجب المواطن والمقيم أن لا يستر أو يتعاون أو يتهاون في الإبلاغ عن المخالفين من كافة شرائح العمالة وفئاتها. إنه من المواطنة والوطنية والدين الإحساس بهذه المسؤولية للمشاركة للتصدي لهذه الظاهرة بكل الوسائل خدمة لحقوق المواطن والمقيم. ولذلك أرى واقترح على وزارة الداخلية والإمارات، عدم الاكتفاء بالحملات الميدانية الموفقة، بل يجب أن يتزامن معها خطة إعلامية شاملة مثل إقامة الندوات والمحاضرات والإعلانات في كافة المنابر وعلى كافة الأصعدة، وفِي كل الأوقات والمناسبات وفِي المساجد والمدارس والجامعات والمولات، لإبراز خطورة هذه المخالفات، كما يجب على الجهات الأمنية، وقد بدأت هذه الحملة الهادفة التي فرح بها كل مسؤول ومواطن حريص على سلامة البلد والمواطن من أي ظواهر سلبية، أن تستمر وأن لا تتوقف بل ويجب أن يعلم الجميع عبر كافة الوسائل باستمراريتها، وأنها لا تتوقف وأن تعلن وتبرز العقوبات المترتبة على المخالفة والبقاء غير النظامي كما توضح العقوبات على المتسترين أو المتعاونين مع المخالفين أياً كانوا، كما هو الحال في تطبيق نظام ساهر والعقوبات المترتبة على المخالفات بعد تحديد أنواعها. وأنا على يقين أنه متى ما تضافرت جهود المواطنين والمقيمين إقامة نظامية مع رجال الأمن والمسؤولين ونفذت الخطة الإعلامية الشاملة، فسيكون وطننا بإذن الله خالياً أو شبه خالٍ من المخالفين. وسيشكل ذلك مظهراً إضافياً من مظاهر التطور والانضباط الأمني والاجتماعي، وسيسهم بلاشك في دعم تحقيق رؤية 2030.