د. محمد بن إبراهيم الملحم
مأساة تغرب المعلمين والمعلمات في الهجر يتمنى كل واحد أن تحل حلا جذريا وقد بات في اعتقادي أن حلها ليس حلا واحدا بل عدة حلول يجب أن تؤخذ كحزمة متكاملة package وقد ذكرتها مفرقة في مقالات سابقة: التدريس عن بعد في مقالة «تعليم الهجر النائية: إلى أين؟ 2-2» واستخدام وفر معلمي ومعلمات التربية البدنية والفنية في مقالة «هل نحتاج هذه المواد؟» وتوظيف أبناء الهجر في مقالة «التعيين المتوازن للمعلمين، نموذج مقترح»، كل هذه الحزمة من الحلول لو طبقت معا سنلمس فورا فرقا واضحا في مشكلة معلمي ومعلمات الهجر، والمسألة بحاجة إلى جرأة وحركة نشطة في استصدار التنظيمات الحاكمة لكل من هذه التدخلات الجراحية الثلاثة لمرض عضال... على أن تعمل هذه التنظيمات وتطبيقاتها بكفاءة مرموقة ترتقي إلى مستوى المشكلة.
الجميل في الأمر أن كل واحد من هذه الحلول التي اقترحتها ليس مجرد حل لهذه المشكلة الوطنية الاجتماعية التربوية المهمة وإنما يقدم معه حلا لمشكلة أخرى أو يقدم إضافة نوعية جديدة (وأرجو الرجوع إلى مقالاتي السابقة لكل من هذه المواضيع)، فالتدريس عن بعد يوفر في الوظائف لأن المعلم يدرّس أكثر من مدرسة في نفس الوقت، كما يقدم نوع وظيفة جديد للمعلم المتميز الذي سيتم تدريبه ليصبح «معلم عن بعد» ويحصل على رخصة لذلك، ودروسه «المتميزة» والتي تبث على الهواء عبر الإنترنت لمدارس الهجر سوف تُسجَّل لمراجعتها واختيار الأفضل منها ليعاد بثه مرة أخرى عبر قنوات الوزارة أو السوشال ميديا فيستفيد منها كل طلاب المملكة تقريبا... هنا توفير للهدر المالي لوظائف معلمين كانوا يدرسون عددا ضئيلا من الطلاب، وقيمة نوعية مضافة، مع إيقاف نزيف حوادث الطرق لتعيينات معلمي ومعلمات الهجر.
معلمي ومعلمات التربية البدنية والفنية في جميع الصفوف والمراحل التي هي أعلى من الصفوف الأولية يمثلون وفرا مهما إذا ما ألغيت هاتان المادتان (للأسباب التي ناقشها ذلك المقال) وبعد ذلك سيتسنى الاستفادة منهم كمعلمي صفوف أولية بما يغطي حاجة مدارس الهجر (وغير الهجر) ويقلل من الوظائف الجديدة المفتوحة، وفي هذا توفير مالي وتقليل لاستهلاك حصص الطالب بمواد لا ينتفع بها كثيرا في النمط الحالي لها، ولو كان أقل ما في الأمر أن يخرج الطالب من المدرسة مبكرا ليرتاح ويحب المدرسة أكثر لكان خيرا.
الحل الثالث أو ما أسميته «التعيين المتوازن» لمعلمي الهجر يحل مشكلة تعسر الفرصة على الخريجين من أبناء وبنات الهجر لأن المعلم الذي يأخذ الوظيفة في هجرة بعيدة هو غالبا ذلك القادم من مدينة غير المدينة الأقرب لهذه الهجرة والسبب أن البعيد تخرج منذ عدة سنوات مما يضيف إلى نقاط المفاضلة والقريب من الهجرة حديث التخرج، كما أن البعيدين فيهم كثير من الحاصلين على معدلات تخرج عالية مما يضيف أيضا إلى نقاط مفاضلتهم، فيقدم النموذج فرصة أفضل لأبناء وبنات الهجر والقرى البعيدة كما يضمن أن هؤلاء هم صفوة المستوى المتميز من الخريجين المتقدمين للوظيفة مما يرتقي بالتعليم في الهجر بشكل كبير كما يضمن استقرارا وتوطينا للخبرات بما يوطن الجودة التعليمية مقارنة بالوضع الحالي المتسم بالنقل المستمر من مدراس الهجر. أثق أن هناك أفكارا أخرى خارج الصندوق غير هذه، وأفكار «خارج الصندوق» غير مريحة للمسئولين في العادة، لذا فإن الحل يكمن في الجرأة على الخروج من الصندوق للإبحار إلى شواطئ الأمل أو ربما التحليق عاليا مع الصقور فهل يفعلها مسؤولونا التعليميون!