يوم الإربعاء الموافق لـ25 خلت من ربيع الأول من العام 1439 من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام لم يكن يوماً عادياً, ليس لنا نحن أعضاء مجلس الشورى فقط بل لكل أمراء وعلماء و وزراء الدولة وكبار موظفيها و رجال الأعمال والإعلام والبعثات الدبلوماسية في المملكة, حيث نلتقي بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ونصغي لكلمته السنوية التي تؤذن ببداية أعمال السنة الثانية للدورة السابعة لمجلس الشورى, هذه الكلمة هي خطاب يتفضل به الملك -رعاه الله- وينتظره ملايين المواطنين بشغف ويحظى بمتابعة واهتمام قادة دول العالم وترقبه وسائل الإعلام المحلية والعالمية, لما ينطوي عليه من أهمية إبراز إستراتيجية الدولة وإنجازاتها وتطلعاتها, وهذا الخطاب الذي تميز بالشفافية والشمولية كان بمثابة تقرير للعالم عن الدور الذي قامت وتقوم به الدولة السعودية في المساهمة في بناء العالم وتحقيق السلام والأمن والتنمية.
تطرق خادم الحرمين الشريفين في خطابه الشامل لأهم ما يشغل بال المواطنين فكانت كلماته ترياقاً أفرح الناس, حيث بين -حفظه الله- أن العجز في ميزانية الدولة قد انخفض حتى الربع الثالث من العام المالي 2017 بنسبة (40 %), وهذا بحد ذاته إنجاز لما قامت به الدولة من إعادة هيكلة بعض الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة وإنشاء بعض الهيئات والأجهزة الجديدة والتي كانت خطط لها كجزء من التحول الوطني وتحقيق رؤية خادم الحرمين (2030) , وهذا لاشك أنه استلهام لمولاي خادم الحرمين الشريفين واستمرار لشعلة بناء الدولة والأمة التي أوقدها المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بتوحيد هذه البلاد العظيمة.
إن عزم الملك سلمان -رعاه الله- وحزمه في مواجهة الفساد ومحاسبة الفاسدين والذي تحدث عنه بشفافية وبين أنه أمر غير مستساغ في أعمال الدولة والفاسدين وإن كانوا فئة قليلة لا يمثلون نزاهة المواطن السعودي بصفة عامة وإخلاصه في بناء بلاده, إلا أنه حفظه بعزمه على تشكيل لجنة مكافحة الفساد والتي رأسها وسخر لها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان جهده ووقته باقتدار قد جعلت المواطن السعودي ينظر لدولته بفخر واعتزاز وخصوصاً أن ذلك أتى ليخيب مظان المشككين بقدرة الدولة على القضاء على الفساد, لذا أتت كلمات خادم الحرمين الشريفين لتبين أن العزم والحزم السلماني ليس قابلاً للتشكيك.
وكما كان تأمين السكن يمثل هم معظم المواطنين, فهو أيضاً هم يشتغل به خادم الحرمين الشريفين, منذ أن تولى العرش وكان لتوجيهاته ودعمه ومتابعته المباشرة أعظم الأثر في وضع مشكلة الإسكان على طريق الحل, حيث أمر -حفظه الله- بتأسيس الهيئة العامة للعقار التي ستتولى تنظيم السوق العقاري ودعم تحقيق تطلعات المواطنين والمطورين بتقديم خدمات نوعية تهدف إلى تحقيق الرؤية (2030).
ولم يترك خادم الحرمين لمتسائل فرصة ليوضح ما قامت به المملكة من جهود في محاربة الإرهاب على المستوى المحلي والعالمي، فجعلت هم مكافحة الإرهاب هماً علمياً من خلال جهودها في تنظيم ثلاثة مؤتمرات عالمية أجمعت فيها أكثر من (60) دولة على رؤية خادم الحرمين الشريفين في مكافحة الإرهاب، وإنشاء حلف عالمي إسلامي عسكري لمجابهة الإرهاب الذي تدعمه دول الضلال والعدوان، والذي عصف ببلدان مجاورة وكان للمملكة دور رائد ومباشر في مقاومة ذلك الإرهاب ودعم الحكومات الشرعية في تحقيق الأمن لشعوبها.
خطاب خادم الحرمين الشريفين احتوى على مضامين وعبارات ذات دلالات إستراتيجية يصعب تفصيلها وبيانها في كلمة عاجلة , فلنا أن نقرأ ذلك الخطاب مرات ومرات حتى نستوعب ونحلل ونستطلع الدور السعودي في مستقبل التنمية الحضارية البشرية , حفظ الله لهذه البلاد ملكها المظفر خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز و جعل ساعده الأشد القويم ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان , إنه سميع مجيب.
** **
د. فوزية بنت محمد أبا الخيل - عضو مجلس الشورى