سعد الدوسري
*«رسينا يا شواطي الشوق،
رسينا والأماني فوق».
بعد معاناة طويلة مع المرض، رسى أبو بكر سالم بلفقيه في الغياب الأخير، وهو يتمنى من الله الرحمة والمغفرة. وكان طيلة حياته، قريباً من الناس، مولعاً بالبسطاء، الذين لا يفارقون مجلسه، بخلاف ما يتصوره جمهور الفن، بأن النجوم مثله يعيشون في أبراج عاجية، مع كبار الشخصيات. لقد كان أبو بكر مختلفاً؛ كان بسيطاً وعفوياً وزاهداً في الأضواء، محاولاً قدر استطاعته الابتعاد عنها، إلا فيما يتعلق بالجديد من أعماله. نصحته أكثر من مرة أن يسجل تجربته في كتاب، فهو جزءٌ من تجربة جيل عانى الكثير، على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. فهو واحد ممن هاجروا مبكراً من حضرموت، هرباً بأنفسهم من الواقع المرير، واختاروا السعودية لتكون موطنهم ووطنهم.
لم ينسلخ أبو بكر عن حضرميته، بل كان سفيراً مخلصاً لها، مع رفيق دربه الشاعر حسين المحضار، رحمهما الله. كما لم ينفصل عن وطنه الجديد، وقدّم له أجمل الأغنيات، التي شكّلتْ ذائقة مغايرة عن السائد، وأسهم في صناعة جيل من الفنانين الشباب، في مجال الكلمة واللحن والغناء.
لقد عايشتُ معاناة أبي أصيل الطويلة مع المرض، ورأيته ذلك الرجل الذي لا يهاب الألم، بل يتقبله بإيمان وبابتسام دائمين. وفي كل الأوقات، كانت الوفية أم أصيل وابنه المتفاني أحمد، إلى جانبه.