محمد سليمان العنقري
تتفق الكثير من التعريفات والمفاهيم أن الخصخصة تعني نقل بعض وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، وذلك لخفض التكاليف وتحسين الإنتاجية وتقليص البيروقراطية، وبما يرفع من كفاءة الاقتصاد والترشيد، مما أعطى الخصخصة اهتماماً عالمياً واسعاً، لكن تطبيقها في الكثير من الدول لم يكن بمستوى واحد من الأداء والنجاح أو التعثر وفقاً لطبيعة كل اقتصاد وطرق تطبيق التخصيص فيها. في رؤية المملكة 2030 م تعد الخصخصة إحدى الركائز التي سيبنى عليها مشروع الهيكلة والتحول الاقتصادي لرفع مساهمة القطاع الخاص إلى 65% من الناتج المحلي من خلال نقل العديد من الأعمال التي تنفذها في الوقت الحالي الأجهزة الحكومية بحسب اختصاصها مما سيحول دورها لتكون رقابية وإشرافية على الأداء العام للخدمات أو القطاعات التي ستخصخص كما هو معلن بالملامح العامة، لكن تعزيز مفهوم الخصخصة وتنظيمه في المملكة يتطلب جهوداً تنظيمية وتشريعية كبيرة جداً، فالخصخصة ليست خياراً سهلاً فهي مدارس مختلفة وتوجهات عديدة يحكم الاختيار فيها طبيعة كل اقتصاد، لكن الوصول إلى أفضل الممارسات وترسيخ مفهوم الخصخصة ورفع مستوى التشريعات يتطلب تأسيس جهاز ضخم بحجم وزارة أو هيئة عامة مستقلة مرجعيتها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية حتى يكون كياناً مستقلاً يتفرغ لإدارة هذا الملف الضخم والحساس ويريح الوزارات التي سيتم تخصيص بعض أعمالها نظراً لعدم التخصص أو التفرغ لذلك أو القدرة على تطبيق أفضل الممارسات، إذ لا يكفي وجود مكتب خاص لها أو أن يتبع هذا التوجه جهازاً لديه أعمال عديدة، فوجود كيان مستقل متخصص لهذا الملف سينعكس إيجاباً - بإذن الله - على تنفيذ الخصخصة وفق أفضل الممارسات العالمية وبما يتناسب مع إمكانات ومتطلبات الاقتصاد الوطني.
وزارة أو هيئة مستقلة للخصخصة سيكون لها انعكاسات إيجابية في تسريع تنفيذها وبتشريعات متقدمة وتنظيم دقيق ودقة في اختيار الوحدات أو الخدمات التي ستخصخص، ووضع البرنامج الزمني المناسب بما يسهم في تخفيف أدوار الجهات المستهدفة بالبرنامج من القيام بمهام ليست من صميم عملها ليترك لها الدور الإشرافي والرقابي وتحدد مهام إدارة الملف بكيان يمتلك الإمكانات والدراية الأوسع للتنظيم والتشريع.