عروبة المنيف
دشنت وزارة التعليم منذ أيام، بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور برنامج «قيادة آمنة» التي كانت فعالياته على مسرح الوزارة، بهدف تزويد منسوبات الوزارة بالمعارف والمهارات المرورية اللازمة لتحقيق السلامة أثناء قيادة المركبة، وسينفذ البرنامج على مراحل عدة، وتعتبر وزارة التعليم من أكثر الجهات توظيفاً للنساء وتحتوي على أعلى نسبة من الموظفات مقارنة بالقطاعات الأخرى.
ويعتبر البرنامج انطلاقة واعية وحكيمة باتجاه تنفيذ قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة بطريقة وأسلوب منظم ومحكم، فيما يتعلق بعملية التمهيد للقيادة، حيث سيطبق تباعاً في مناطق المملكة، من خلاله يتم توعية المنسوبات وتثقيفهن بأدبيات القيادة الآمنة وبالتوجيهات الخاصة بالقواعد المرورية وبتعليمات الحصول على رخصة قيادة.
من خلال الإحصاءات التي نشرت في ذلك اللقاء، كان جلياً الوضع الكارثي لحوادث السيارات في المملكة، ففي عام 1438هـ، تم رصد 460 ألف حادثة، نتج عنها إصابة 33 ألف شخص، و7489 حالة وفاة؛ بمعدل 20 حالة وفاة يومياً من الفئة العمرية (18 إلى 30 عاماً).
ما أثار انتباهي في الإحصاءات التي عرضت في اللقاء، وضع المملكة في أعداد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات، فهي الثانية عربياً والـ23 عالمياً، وجال بخاطري قضية تم التغافل عنها سواء بقصد أو بغير قصد، عندما منعت المرأة من قيادة المركبة، فلا أحد يغفل تأثير المرأة على محيطها الأسري من الذكور، زوجها، أولادها، إخوانها..، إنها المدرسة التي يستقي منها الأبناء والبنات التعليم والتهذيب، وعندما تجهل المرأة أدبيات القيادة وإرشاداتها وبالتالي المهارة اللازمة، لا يؤخذ بنصائحها وتوجيهاتها، فهي في نظر الذكر العارف والممارس للقيادة «جاهلة» ولا تفقه شيئاً في ذلك المجال، والنتيجة استسلام المرأة لمن يقود بها السيارة، مهما كان مستوى وعيه في القيادة وانعدام تأثيرها، وفي رأيي إن ذلك التجهيل كان أحد أسباب تصدرنا حوادث المركبات وأعداد الوفيات.
إن دخول المرأة في مجال قيادة المركبة سيجعلها واعية وعارفة بإرشادات وتعاليم وأدبيات القيادة، ما يمكنها من نقل تلك الثقافة الواعية لمحيطها وعلى الأخص الذكوري، فتساهم باللاوعي في التقليل من الحجم الكارثي للحوادث المرورية -بإذن الله-، فالذكر في العائلة سوف يثق بمن تجلس بجانبه عندما يكون في كرسي القيادة، سيثق بمهارتها وبمعرفتها، وعندما تعطيه النصائح وتحرصه على اتباع الإرشادات المرورية وتوعيه بالأخطار المحيطة، سيتنازل عن كبريائه ويعطيها آذاناً صاغية، في عدم التهور والالتزام بالقواعد المرورية، فهي عارفة وماهرة، ما يساهم في الحفاظ على سلامته وسلامة الجميع من أخطار الطريق.
من دون شك الأم مدرسة إذا تم إعدادها وتأهيلها بشكل جيد ومكّنت التمكين اللازم، سينعكس ذلك على محيطها الأسري، فلن نحصد سوى السلامة والأمان، ويعتبر برنامج «قيادة آمنة» منارة للنساء اللاتي عقدن العزم على أخذ زمام المبادرة في تعلم القيادة، ليكنّ على دراية وعلم ومهارة ووعي بأصول قيادة المركبة وأدبياتها، فيصبح تأثيرهن إيجابياً على أنفسهن وعلى أسرهن بشكل عام.