فوزية الجار الله
- 1 -
أعاني رجفة هذا اليوم، الساعة الرابعة مساء ولاتزال تلازمني حتى الآن، تبين لي فيما بعد بأنها بوادر لنزلة برد حادة، أنا خارج وطني في منطقة باردة، كنت في الطريق إلى المنزل حين فوجئت بخبر على «الواتس أب» عن مقتل الرئيس اليمني السابق علي صالح، المقطع يعرض الجثة بشكل سافر ومقيت جداً دون اعتبار للقيم الإسلامية ولا حتى الإنسانية، لم أصدق للوهلة الأولى، لكن المشهد آلمني جداً بغض النظر عن تاريخ الرئيس اليمني، ما له وما عليه، لكنني سمعت كلمته بالأمس الذي كان يعلن فيها انفصاله عن الحوثيين وبدء النضال ضدهم، حين ترجلت من الحافلة فوجئت بأن درجة الحرارة قد انخفضت كثيراً عما كانت عليه في الصباح، أخذت ألملم أطراف معطفي وأسرع الخطى إلى المنزل، علي صالح إنسان مسلم وقد أنهيت حياته بطريقة بشعة، لا نملك الآن سوى الدعاء له بالرحمة والمغفرة، نحن في زمن عجيب، فتن وقلاقل وحروب لا تنتهي، اللهم آمنا في أوطاننا واحفظنا يارب العالمين.
- 2 -
اليوم في محاضرة اللغة التركية قرأنا في الكتاب عن بعض الشخصيات كان من ضمنها الكاتب التركي الشهير/ أورهان باموق، المعلمة القائمة على الدورة امرأة شابة من الجنسية التركية، فقط تعرف نزراً يسيراً من اللغة العربية، حين جاءت سيرة باموق قالت هو جاسوس، نعم اديب تركي لكنه جاسوس!.. حدثت نفسي ربما لأنه فاز بجائزة نوبل وربما لأسباب أخرى تعرفها هي بما أنها تتحدث عن كاتب من بلادها، لم أستغرق في مناقشتها بسبب حاجز اللغة، عدا أننا بحاجة إلى وقت طويل وأنا وهي الآن لابد لنا من الالتزام بوقت المحاضرة.أعود إلى التركيز معها بعد جهد جهيد لإعادة أفكاري لمتابعة ما تتحدث عنه الآن.
- 3 -
لم أتخلص بعد من المشهد المؤلم لجثة الرئيس اليمني رحمه الله، حتى فوجئت بخبر صاعق آخر، ترامب يعلن القدس عاصمة لإسرائيل، أستغرق في المتابعة عبر كافة الوسائل الإعلامية بما يسمح به الوقت، وبالقدر الذي تحتمله المشاعر، طافت بي الذكريات، أنا من ذلك الجيل الذي غنى طويلاً وكثيراً لفلسطين منذ أن وجد على هذه الأرض، لازال صدى العبارات يتردد في ذاكرتي، ما بين (ادفع ريالاً يا أخي/ تحمي به مسرى النبي) وما بين الأناشيد والحكايات والكتب والروايات، تذكرت صديقتي في المرحلة الابتدائية التي كانت تملك صوتاً جهورياً جميلاً، بدأ اكتشافها أولاً في مادة اللغة العربية، حيث رددت القصيدة بصوت عال ومؤثر حتى رأيت بريق الدمع في عينيها رغم براءة الطفولة، بعد ذلك أصبحت القصيدة مطلوبة في جميع حصص المواد الأخرى، تلح المعلمات بأن تطربهن بصوتها وبالقصيدة، كنا نتحدث عن فلسطين نتحدث بمنتهى الحماسة صغاراً وكباراً مهما اختلفت قدراتنا ومنابعنا وبلداننا، كلنا عرب ومسلمون، هذا يعني بأن همنا واحد.