د.ثريا العريض
الحدث الثاني في الجوار كان انعقاد القمة الخليجية الثامنة والثلاثين في الكويت في موعدها المحدد مسبقًا، وانتهاؤها بجلسة واحدة. ولم يحضرها من قادة دول مجلس التعاون الخليجي سوى أمير قطر إلى جانب المضيف سمو أمير الكويت، وناب عن الآخرين وزراء وزارات معينة أو نوابهم. وهكذا لم تبحث القمة ما يختص بأزمة قطر ودعمها للإرهاب بالمال والإعلام، واحتضان الإرهابيين المطرودين من بلدانهم، مستمرة في التدخل في الجوار مهددة أمن الجميع. وهو ديدنها المستمر لسنوات طويلة منذ انتزع أميرها السابق الشيخ حمد السلطة من أبيه الشيخ خليفة، وما زال يديرها رغم تنازله لابنه الشاب الشيخ تميم. ولكن القمة نجحت في احترام الكويت وموقف أميرها، إِذ حضر مندوبون من كل الدول الأعضاء، وفي ذات الوقت لم تترك لقطر مجالاً للتملص من تنفيذ مطالب أشقائها وكسر المقاطعة التي باتت تعاني منها اقتصاديًا.
الحدث الثالث الذي استجد وما زال العالم يتفاعل معه، هو قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف أحاديًا بالقدس عاصمة لإسرائيل وإصدار توجيهاته بنقل سفارة الولايات المتحدة إليها. وعلى الرغم من تحذير القادة العرب لترامب قبل إعلان وتوقيع القرار، أنه سينعكس سلبيًا على مساعي السلام، وسينتج ردود فعل عنيفة رافضة له في العالم العربي والإسلامي والمسيحي، إِذ يعني تهويد القدس وهي مدينة مقدسة في كل الديانات الثلاث الموحدة، إلا أن الرئيس ترامب أصر على قراره لأسبابه الخاصة.
القرار الذي أجله كل من سبق ترامب من رؤساء الولايات المتحدة السابقين، وتهور هو بإعلانه وتوقيعه مبررًا ذلك بأنه يحقق ما وعد به في حملته الانتخابية، استقبله بالرفض أغلبية صناع القرار والأمم المتحدة والدول العظمى مخافة أن يسبب تراجعًا في مساعي السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس حل الدولتين الذي اتفقت عليه الأمم المتحدة من قبل. ولا يجوز أن يكون قرارًا أحاديًا يهدد نجاح المساعي المبذولة. ساحة تقرير مصير الفلسطينيين ومعركة مقاومة تمدد إسرائيل في أراضيهم. الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل مقر سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إليها من مقرها في تل أبيب قرار كانت إسرائيل تحلم به، فلا يجد تقبلاً من أي عضو في الأمم المتحدة يوافقها عليه، ناهيك بأن يتحمل أي رئيس مسؤولية نتائجه. وقد عزا بعض المتابعين أنه فعل ذلك هروبًا من قضية تحقيق الكونجرس في حملته الانتخابية، وتورط أفراد قريبين منه في التواصل مع الروس لإفشال حملة منافسته هيلاري كلينتون.
كلمة ترامب لم تفصّل هل سينقل سفارته إلى القدس الشرقية أو الغربية - وكلاهما منطقة مدولة بقرار الأمم المتحدة في 1995 أي منطقة لا سلطة لإسرائيل عليها- ولكن قرار ترامب أثار التوقع أنه سيؤثر سلبيًا في محادثات السلام، وسيمنح الإرهاب فرصة للتنامي في المنطقة. وبمجرد صدور القرار اشتعلت المظاهرات في المدن وبالذات القدس وغزة.