رجاء العتيبي
بعد أن تلقى النظام القطري ومعاونوه من المرتزقة ضربات اقتصادية وسياسية من الدول المقاطعة (السعودية، مصر، الإمارات، البحرين) جراء تدخله في شؤونها بطريقة سافرة, نراه يسعى للانتقام بطريقة طفولية لا تحسب عواقب الأمور، وبات يعمل أي شيء حتى لو ضحك عليه العالم.
النظام القطري خسر مكانته وموقعه واحترامه, لذا هو يتصرف وكأنه بلا كرامة، ومن يسقط في وحل السياسة الشريرة يكون هذا مصيره, كل ما في الأمر أن يحافظ على مكاسب وامتيازات حتى لو خسر شعبه, حتى لو خسر جيرانه, حتى لو خسر العالم.
هنا تعرف -يقيناً- أن الذي يرسم السياسة المحلية والإقليمية والدولية ليسوا قطريين, وإنما مجموعة مرتزقة يهمهم مصالحهم الخاصة, وحالما يسقط النظام يذهب كل عربي مرتزق إلى تركيا حاضنة الإخوان, أو إلى بريطانيا أو أمريكا أو فرنسا إذا كان يملك جنستها, أما أن يذهبوا إلى أوطانهم فلا نظن.
لم نتوقّع مطلقاً أن يأتي يوم, ويدير سياسية قطر مجموعة من المطلوبين العرب الهاربين من أوطانهم, لا نتوقّع أن يديرها عزمي بشار ولا جمال ريان, ولا فيصل القاسم, ولا يوسف القرضاوي ... إلخ, ولا نتوقّع أن يحميها مجموعة من الأتراك, ولا يدعمها لوجستياً مجموعة من الفرس الناقمين على الخليج, بات الأمر لدى القطري فيلم ميلودراما أكثر من كونه حقيقة..
بسبب رعونة الحمدين باتت قطر لا تملك قرارها, يوسف القرضاوي يحرك الإخوان ضد الخليج والعالم, وعزمي بشاره يحرك أحزاب فلسطينية ضد السعودية, وقناة الجزيرة تحرك العالم العربي ضد مصر والخليج, إذن أين السياسة القطرية الفعلية؟ لا يوجد الواقع يقول ذلك.
الشعب القطري لم يقل كلمته, ولو قالها لتغيَّر الحال غير الحال, وخوفاً من الشعب القطري الأصيل, يضطر (الحمدان) أن يحيطا نفسيهما بالإخوان والفرس والأتراك حتى يحافظا على امتيازاتهما التي احتكراها طوال عشرين سنة, وخوفاً من الهزيمة النكراء والنهاية المأساوية يعملان كل ما هو سيئ ليبقى النظام متحكماً في مفاصل الدولة, وإذا ما سقط يوماً ما, فقد فتح كل مجاري الأودية للطوفان ليغرق الشعب القطري معه.
هل هذا كل ما يريده النظام القطري الحاكم؟ أن يتفرّغ سياسياً لمهاجمة جيرانه بأقذع السبل, عبر حملات موجهة دنيئة, لا تصدر من رجل كريم يعرف حق الجار, هل نهايته أن يفتح موازنته لمرتزقة العرب والعالم؟ هل هذا ما تفتقت عنه عبقريته السياسة؟
بقدر ما يشتري النظام القطري ذمم الآخرين, بقدر ما يخسر ولاء الشعب القطري, وإن غداً لناظره لقريب.