خالد بن فيحان الزعتر
لم يكن بالأمر المستغرب أن تحدث المواجهة بين طرفي الانقلاب في اليمن فالقارئ للعلاقة بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل اغتياله والجماعة الحوثية يتضح له أن نقاط التباعد بين الطرفين تطغى على نقاط التقارب، فهناك إرث تاريخي من العداء بين الطرفين فقد خاض علي عبدالله صالح عندما كان على رأس هرم السلطة العديد من الحروب مع الجماعة الحوثية وأيضًا يدعم هذا الإرث التاريخي من الصراع بين الطرفين الاختلاف الأيديولوجي كل هذه أسهمت إلى حد كبير في أن تجعل في تحالف الطرفين تحالفًا هشًا يعيش أزمة ثقة فلم تكن الشراكة في قاموس الطرفين بل كل طرف كان يريد أن يستخدم الآخر أداة لإحكام سيطرته على السلطة وهو ما ظهر بشكل واضح في الآونة الأخيرة التي سبقت انفجار الوضع بين الطرفين ثم اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فقد كشف محاولات الحوثيين ومساعيها علي عبدالله صالح بأنها تريد منه أن يكون مجرد تابع للحوثية وليس شريكًا.
انتفاضة صنعاء لم تكن بوادرها فقط في اليومين اللذين سبقا اغتيال الرئيس السابق، فهي كانت تغلي طوال سنوات الانقلاب وربما هذا ما يظهر خلال الفترات الماضية من اعتصامات واحتجاجات تندد بالممارسات الحوثية التي أثبتت أنها فشلت في إدارة الدولة، كما أن هذه الاحتجاجات والاعتصامات تثبت أن هذه الجماعة وإن سعت لإحكام سيطرتها على السلطة والعاصمة صنعاء بقوة السلاح إلا أنها فشلت في السيطرة على الشعب اليمني وفشلت في الحصول على قبول من سكان العاصمة صنعاء وهو ما يظهر جليًا من خلال حجم الانتفاضة التي حدثت في العاصمة صنعاء في الثاني من ديسمبر التي لم تكن متوقعة بشكل كبير من خلال تسارع وتيرة أحداثها التي أثبتت أن صنعاء كانت تغلي طوال سنوات الانقلاب لكن قدرتها على الانفجار كانت بحاجة إلى حافز قوي وهو ما وجد في خطاب الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الثاني من ديسمبر الذي كان بمنزلة الشرارة الأولى التي كانت تحتاجها صنعاء وكانت تنتظرها فترة طويلة، غير أن اغتياله أضعف جذوة هذه الشرارة ربما بما يشبه التحضير للخطوة القادمة.
يوم الثاني من ديسمبر وانتفاضة صنعاء هي المرحلة الأخيرة من مراحل تاريخ الانقلاب الحوثي في اليمن الذي يسير على مشارف عامه الثالث، وبذلك فإن تفكيك التحالف بين صالح وميليشيات الحوثي الذي كان ذلك هو السبب الرئيس خلف صمود الانقلاب يجعل من قدرة الحوثيين على الصمود صعبة جدًا وهذا لغياب صالح، ربما ما بدأ يظهر جليًا بعد ساعات ليست بالكثيرة فعند قراءة المحاولات التي لجأت لها الميليشيات الحوثية من اقتحام قناة «اليمن اليوم» واختراق موقع حزب المؤتمر الشعبي الإلكتروني ونشر بيانات مغلوطة عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن تراجعه عن الخطوة التي أقدم عليها، هو جزء من حرب نفسية يمارسها الحوثيون وهي آخر أدواتهم في محاولة للتشويش على انتفاضة صنعاء وهي تكشف حجم الخسارة التي يعيشها الحوثيون على الأرض ما دفعهم للجوء إلى الإعلام في محاولة لصناعة إنجازات وهمية على المستوى الإعلامي تغطي على خسائرهم في الأرض وذلك قبل إقدامهم على قتل علي عبدالله صالح، لمواجهة هذه التطورات التي لم تكن لصالحهم.
تزامن مع انتفاضة صنعاء تحركات على المستوى الخارجي لاحتواء الانفجار داخل صنعاء كان من أبرزها ما كشفت عنه وسائل إعلام وأكَّده الوزير الإماراتي أنور قرقاش من محاولات قطرية لرأب الصداع بين طرفي الانقلاب ودعوات إيرانية للتهدئة، إلا أن هذه المحاولات من الصعب أن تنجح ولذلك فإن عودة الأمور لسابق عهدها ما قبل الثاني من ديسمبر أمر بات في حكم المستحيل لأن ما حدث في صنعاء وإن كان علي عبدالله صالح قد أشعل الشرارة إلا أن ما حدث هو انتفاضة شعبية أكبر من أن تكون تحركات مرتبطة بشكل كبير بموقف علي عبدالله صالح ولذلك الحديث عن عودة المياه لمجاريها بين طرفي الانقلاب وعودة صنعاء لما قبل الثاني من ديسمبر كان أمرًا صعبًا جدًا، ولذلك كان قرار الحوثيين تصفية علي عبدالله صالح نفسه للاخلال بتماسك مناصريه، وتخويف الشارع اليمني من التصفية لأي معارض لجرائم الحوثيين.