خالد بن حمد المالك
الذين يتظاهرون في القدس ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة احتجاجاً على اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل هم من يقدر لهم عالياً دفاعهم عن حقوقهم المشروعة في فلسطين، لا أولئك المرفهين من الفلسطينيين الذين يحاربون إسرائيل من استديوهات التلفزة المكيفة في الدوحة ولندن وغيرها، ويقبضون ثمناً لكل إطلالة إعلامية مشبوهة، ومع كل مشاركة تكون خدمة لإسرائيل؛ ثمناً مادياً سخياً، واستضافة باذخة لا تتوفر إلا للعملاء ممن يقيمون في لندن وباريس وقطر، أو حيث تكون هناك من فرصة للإقامة في أي من الدول الأخرى للارتماء في أحضان الداعين لبقاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس.
* *
لاحظوا تلك الأبواق الإعلامية، وهذا العدد الهائل من قنوات التلفزة، ودققوا في برامجها، وأسماء من يظهر على شاشاتها، وقارنوا بينها وبين السياسات الإسرائيلية، وستجدون أن هؤلاء كأنهم يوجهون من قلب تل أبيب، إذ لن تجدوا اختلافاً كبيراً بين ما يتحدث به الساسة الإسرائيليون، وإعلامها الكريه، وبين آراء هذه الزمرة من المتآمرين على قضايانا، وفي مقدمتها قضية القدس، إلا من حيث شكل الإخراج للبرامج التلفزيونية المخادعة، والمقالات التي يحاول كتابها أن يغطوا بها ببعض الألفاظ المستهجنة ما هو ثابت عليهم من تهم وجرائم وخيانات لصالح مشروع الإسرائيليين في إقامة دولتهم على كامل الأرض الفلسطينية.
* *
هم لا يهمهم الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل، المنحاز لتل أبيب سياسياً وعسكرياً، ولا يهمهم أن إسرائيل ترفض أي تسويات أو اتفاقيات تفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية ولو في جزء صغير ومحدود من أرض فلسطين، بل كل همهم إلصاق التهم بالمملكة بأنها هي سبب عدم قيام الدولة الفلسطينية، وهي وراء اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولا شأن لهم بشيء يتعلق بفلسطين وحقوق الفلسطينيين، مؤكدين موقفهم من تجاهل المواقف المشرفة للمملكة من فلسطين، أي أنهم -بأبسط عبارة- ينفذون ما يمليه عليهم العدو، حيث يمول حملاتهم التآمرية على مقام المملكة، لتشويه الموقف السعودي المشرف من فلسطين.
* *
لا عذر ولا مبرر لهؤلاء، فعمالتهم ومتاجرتهم ومزايدتهم متأصلة، وخياناتهم لا تحتاج إلى دليل، وهم في كل الأحوال أصبحوا منذ زمن في الدرك الأسفل ضمن من تآمروا على فلسطين منذ قيام الدولة اليهودية عام 1948م، ولن يكون هناك قبول بهم في صفوف الشركاء، أو التماس العذر لهم فيما عملوه، أو عدم إدانتهم وتجريم مواقفهم، أو عدم الحذر منهم، وكشف ألاعيبهم، ووضعهم في خانة الأعداء للقضية الفلسطينية - القدس تحديداً - فهذه أولويات يجب أن يلتزم بها الشرفاء والأحرار والغيورون على الوطن من الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين.
* *
لم يبق من قول يقال عن هؤلاء، الذين يحاولون إلصاق التهم الكاذبة بالمملكة، ويتنكرون لدور المملكة الإستراتيجي والفاعل في مناصرة القضية الفلسطينية، وهم أضعف من أن يقنعوا أحداً بكلام رخيص كهذا الهراء الذي يتحدثون به عبر قنوات التلفزة والإنترنت، مأمورين من أعداء فلسطين، يغريهم المال، والإقامة المرفهة في الدول المعادية لقضايا أمتنا، وضمان الحياة المستقرة بعيداً عن أرض فلسطين، ودون أي شعور بالذنب، بينما هناك آلاف من الفلسطينيين يقبعون في سجون إسرائيل، لأنهم أبوا أن يغريهم المال، والهجرة المرفهة إلى الديار الأخرى، كما فعل من خان فلسطين من الفلسطينيين ومثلهم من العرب.
* *
ما يجب أن يقال وأن يكرر، أن المملكة ستبقى ملتزمة بمسؤولياتها ومواقفها الثابتة من فلسطين، دون أن تؤثر الحملات الظالمة عليها، فنحن على العهد والوعد، كما علمنا ذلك الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.