د.عبدالعزيز الجار الله
جميع الحروب التي تمت في فلسطين بعد رحيل المستعمر الأوربي في منتصف القرن العشرين هي حرب فرضت على الفلسطينيين والعرب، منذ حرب الاحتلال عام 1948م وهي بداية احتلال فلسطين، ثم شنت أسرائيل حرب 67م وحتى حرب 73م فرضت على العرب، ومروراً بحروب الضفة وغزة ولبنان، واليوم تدخل الأرض الفلسطينية والعربية حربًا جديدة هي حرب القدس، حرب اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو مخالف لقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الثنائية، واستباق للمفاوضات.
القدس هي الحرب الحقيقية والقاسية على الطرفين وتعيد العرب والأمة الإسلامية وأصدقاء فلسطين ومن يناصر العدالة العربية إلى واجهة الأحداث، وهو الخيار الذي توقف عنه الشعب الفلسطيني بسبب التنسيق الأمني والاتفاقات بين السلطة وإسرائيل، فالعودة إلى سلاح الانتفاضة هو أهم سلاح، فقد عملت إسرائيل والغرب وأمريكا على وقفه لأنه يكذب الدعاية الغربية في قبول التعايش السلمي في الوقت القائم، حتى من دون اتفاق على الحدود وصيغة الدولة القادمة.
فرض على الفلسطينيين والعرب حرب القدس التي سوف تتطور لتصبح حربًا وكراهية دينية بين أتباع الديانات لا تتأذى منها إسرائيل بل الغرب وأمريكا إذا استمرت، وسيكون ضررها أقوى من أحداث 11 سبتمبر وأكثر تأثيرًا، لأن العالم الإسلامي سيشعر أن حقوقه الدينية في القدس قد اغتصبت وسرقت منه الأماكن المقدسة ومحيطها، أي انتقال الإسلام من متهم كما في 11 سبتمبر إلى معتدى عليه.
لا أحد يعلم كيف ستتحول الأحداث القادمة والتي بدأت بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي تأتي على خلفية سنين عاشتها الأمة الإسلامية لأكثر من (17) سنة مُورست كل أنواع الظغوط على العرب والتهم والأفعال والعقوبات ومبررات تدمير العراق ومحاصرة وملاحقة العالم الإسلامي، وخلق مبرر ولادة الشرق الأوسط الكبير والجديد، والتهيئة الميدانية والسياسية إلى الفوضى الخلاقة والربيع العربي، والانتهاء بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مستغلين تضعضع وانكسار العرب كأمة كبرى تقود العالم الإسلامي.
حرب القدس جاءت على خلفيات 11 سبتمبر والربيع العربي والفوضى الخلاقة، لكنها هذه المرة الأمة الإسلامية تحارب عن مقدسات، والإسلام وقع عليه الظلم، بعد أن سرقت حقوقه.