«الجزيرة» - وحدة التقارير الاقتصادية:
إحدى الثمار التي بدأ الاقتصاد الوطني جنيها هي التحسن النسبي والواضح في التجارة الخارجية لمنتجات لم تكن في الحسبان أن تكون مصدراً لإدرار عملات صعبة كإيرادات تصدير. رؤية 2030 ركزت على تنشيط مصادر عديدة ومتنوعة للإيرادات غير النفطية، وكان التركيز على القطاع الخاص المحلي فيها، من خلال عملياته الإنتاجية وإيراداته بالسوق المحلي، على الأقل كانت التطلعات تركز على قيامه بإنتاج السلع والخدمات التي يتم استيرادها، ومن ثم الحفاظ على موارد هامة وحيوية للدولة. ولكن الآن بدأت التطلعات تتجه صوب التصدير لكثير من المنتجات التي لم تكن في خريطة الصادرات من قبل بكميات حيوية.
ولابد لنا من الإشادة بالفكر الصائب بعزل التجارة عن الصناعة، بشكل أعطى الفرصة الكافية لكلاهما أن يتحركا وينشطا بعيدا عن الربط التقليدي الذي كان يحرمهما من الانطلاق. فالإنتاج عمل مغاير تماما عن التجارة، حتى وإن ارتبطا بنفس المنتج.
وتعتبر منتجات الحديد والإسمنت من المنتجات التي استفادت كثيرا وبشكل واضح من عملية فصل التجارة عن الصناعة. الآن لا نتحدث عن فكرة تصنيع الحديد وإنتاجه وتسويقه محليا، ولكن نتحدث عن تصدير الحديد، الذي يمكن أن يكون موردا رئيسيا للصادرات غير النفطية.
آخر إحصاءات منشورة تشير إلى أن المملكة صدرت نحو 4.4 مليون طن حديد للخارج خلال الشهور المنصرفة من عام 2017، وهو إنجاز يثير التفاؤل بأن تكون صناعة الحديد السعودية من الصناعات التصديرية من الطراز الأول في المستقبل القريب.
على الجانب الآخر، تشير التقارير إلى تصدير الشركات السعودية لـ163 ألف طن إسمنت للخارج خلال 2017.
وترتبط العمليات التصديرية جوهريا برسوم التصدير التي يحد ارتفاعها من قدرة الشركات المحلية على التصدير، فالشركات قد تمتلك مخزون مرتفع من إنتاجها ولا تستطيع التصدير، بشكل يعوق قدرتها على تحقيق الأرباح ومن ثم قدرتها على البقاء والاستمرارية بالسوق. كما أن وفرة المعروض المحلي يؤثر سلبا على سياسة التسعير للشركة، بشكل قد لا يمكنها من تغطية نفقاتها التشغيلية.
وفي يوليو الماضي قامت الحكومة بإيقاف رسوم التصدير للحديد سنتين وتخفيض رسوم تصدير الإسمنت50 %. وخلال الشهور الستة الماضية نلحظ مدى استفادة صناعة الحديد من إيقاف رسوم التصدير عليها، في مقابل استمرار المعوقات أمام صناعات الإسمنت، التي تمتلك وفرة في العرض المحلي يؤثر سلبا على تراجع السعر بما يؤثر سلبا على إيرادات المبيعات، بشكل يؤثر سلبا على صافي أرباح الشركة.
ونعلم أن شركات الإسمنت لاتهم المساهمين فيها أو ملاك الشركات فقط، ولكن تهم ملايين المتداولين لأسهمها بالسوق، وعليه فإن الإسمنت يعتبر منتجا استراتيجيا، تطويع سياساته التجارية بشكل يضمن تحقيقها لأهداف البقاء والاستمرارية أولا، ثم أهداف تحقيق أقصى أرباح ممكنه لملاكها والمساهمين فيها. لذا، فإن وحدة أبحاث «الجزيرة» توصي بالنظر في إيقاف رسوم تصدير الإسمنت تماما أسوة بالحديد، حفاظا على قدراته التنافسية التي تضعفها رسوم التصدير الحالية.