سعد بن عبدالقادر القويعي
بإعلان - الرئيس الأمريكي - دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، فإن القضية الفلسطينية تمر - اليوم - بمنعطف خطير، وهو مؤشر على التراجع الكبير في جهود الدفع بعملية السلام. كما يمثل إخلالاً بالموقف الأمريكي التاريخي من مسألة القدس، وانحيازا كبيرا ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، والثابتة في القدس، والتي كفلتها القرارات الدولية - ذات الصلة -، وحظيت باعتراف، وتأييد المجتمع الدولي، وفي مقدمتها القراران « 242 «، و» 338 «، اللذان ينصان على عروبة القدس، واعتبارها محتلة من قبل الكيان الصهيوني الغاصب.
من منطلق إيمان المملكة الصادق، بأن ما تقوم به من جهود تجاه القضية الفلسطينية، إنما هو واجب يمليه عليها عقيدتها، وضميرها، وانتماؤها لأمتها - العربية والإسلامية -، فإن تأكيد الحكومة السعودية في أن تراجع الإدارة الأمريكية هذا الإجراء، وأن تنحاز للإدارة الدولية في تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، وتجديد التأكيد على أهمية إيجاد حل عادل، ودائم للقضية الفلسطينية حق مشروع، وذلك وفقاً للقرارات الدولية، ومبادرة السلام العربية، والتي أعلن عنها مشروع الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - في مؤتمر القمة العربي، والذي عقد في مدينة فاس المغربية عام 1982م، ووافقت عليه الدول العربية، وأصبح أساساً للمشروع العربي للسلام. كما كانت هذه المبادرة أساسا لمؤتمر السلام في مدريد عام 1991م، - وانتهاء - بخارطة الطريق التي اقترحها - الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله -، وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد في قمة بيروت في مارس 2002م؛ لحل النزاع - العربي الإسرائيلي -، والتي توفر الأمن، والاستقرار لجميع شعوب المنطقة، وتؤمن حلاً دائماً، وعادلاً، وشاملاً للصراع - العربي الإسرائيلي -؛ وحتى يتمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، وإرساء الأمن، والاستقرار في المنطقة.
إن تكابر الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في القدس، هو الأخطر منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967؛ كونه ينص على ضم خمس مستوطنات إسرائيلية كبيرة إلى القدس، وعزل ثلاثة أحياء مقدسية عن المدينة، بما يترتب على ذلك من إيجاد أغلبية يهودية كبيرة في القدس، ومنع إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في القدس الشرقية، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين - شمالي وجنوبي -؛ - ولذا - فإن تنديد المملكة، ورفضها لهذا القرار غير المسؤول من الإدارة الأميركية الحالية، يعبر - في حقيقة الأمر - عن الموقف السعودي من قضية القدس الثابت، ودون تغير. وهو - أيضاً - تأكيد دائم للحكومة السعودية على المسؤولية - القانونية والسياسية والتاريخية والأخلاقية - التي يجب أن يتحملها المجتمع الدولي تجاه إيجاد حل عادل لقضية القدس، والذي يأتي في إطار مواقفها الثابتة؛ باعتبار أنها جوهر الصراع - العربي الإسرائيلي -.
في القدس أبرز معالم الحضارة الإسلامية، وأبرز رموز الوجود الوطني الاجتماعي، ورموز التاريخ، والحاضر، والمستقبل. وعندما نؤكد على أهمية البعد - الإسلامي والعربي - للقضية الفلسطينية، فإن ذلك يعني أن نضيف لقضية القدس أسساً قوة، وعناصر دعم جديدة لم تكن متوافرة في السابق، وهو ما يقرره - الأمير - تركي الفيصل؛ باعتبار أن السعودية: « هي المؤيد، والداعم الأساس للشعب الفلسطيني، وهي تنطلق في ذلك من واجب - ديني وإنساني وعربي -؛ إيمانا منها بعدالة القضية الفلسطينية، ورفضا للظلم الفادح الواقع على كاهل الفلسطينيين».