فهد بن جليد
إذا كان ترمب قد أعلن الأربعاء الماضي اعترافه (بالقُدس) عاصمة لإسرائيل، فإنَّ التاريخ يخبرنا بأنَّ طهران مُنذ عقود طويلة وهي تُمارس دورها الخفي كإحدى (عواصم إسرائيل) غير المُعلنة وأذرعها في المنطقة، التي تعمل من أجل خدمة المصالح المُشتركة ما بين نظام الملالي الفارسي القبيح، والمُخطط الصهيوني واليهودي في تفريق المسلمين والعرب، وإضعافهم وإشغالهم، واحتلال بلدانهم، والتاريخ مليء بتلك الفضائح الموثقة عن العلاقات الإسرائيلية الإيرانية السرية خلف الأبواب المُغلقة وتحت الطاولات، مما يدل على أنَّ شيئاً لم يتغير سوى التكتيك السري لهذه العلاقة بعد قيام الثورة الخمينية، وشكل التحالف العسكري والاقتصادي والمُخابراتي بين البلدين بعد أن كانت العلاقات علنية ومُعترف بها - في ظل وجود قنصلية إيرانية في القُدس سابقاً - وهو الدور الذي تحاول طهران إخفاءه ولعبه في المنطقة من خلال حزب الله، ودعم بعض الفصائل الفلسطينية، ودس السم في العسل بترديد شعارات المقاومة والموت لإسرائيل، والفرقعات الإعلامية بيوم القدس والنضال .. وغيرها من المُمارسات غير المُفيدة لا للقدس، ولا للفلسطينيين، ولا للمسلمين، فضلاً عن العرب.
إيران المتورِّطة في الإرهاب العالمي ودعم ميليشياته، أقزم وأضعف بكثير من أن يُعوِّل عليها مواطن (عربي أو مسلم) لاستعادة الحق المسلوب، فهي لا تملك أي ثقل أو مكانة أو قبول إقليمي ولا دولي، لتلعب أبسط الأدوار الحقيقية لخدمة (قضية المسلمين الأولى) أو أن تؤثر أو تدعم عملية السلام في الشرق الأوسط بأي شكل من الأشكال, لأنَّ من يحكم طهران هو نظام (ولاية الفقيه) ذلك النظام المشبوه المتورِّط مع الكيان الصهيوني، والمكشوفة أهدافه وغاياته في عالمنا العربي والإسلامي، وهو ما يُفسر محاولات طهران الفاشلة لتلمِّيع صورتها، بهدف الإيقاع بين العرب والمسلمين وتمزيق وحدتهم، وتشويه صورة الجهود السعودية ومواقفها الثابتة والمتواصلة في هذا المضمار مع الدول الفاعلة والمُعتدلة المحبة للسلام والاستقرار والداعية له, التي تمثل الأمل الأخير والضمانة الوحيدة لاستعادة الحق العربي والإسلامي واستقرار منطقتنا، ومواجهة ومعالجة القرار الأخير بالاعتراف الأمريكي بالقُدس عاصمة لإسرائيل.
الفلسطينيون يعلمون أكثر من غيرهم تلك الجهود الأخوية السعودية الصادقة المستمرة وأثرها العملي الواضح - مع جهود الأشقاء والأصدقاء - طوال الزمن لحفظ الحق الفلسطيني، بل إنَّ الشارع العربي والإسلامي يلمس ما تقوم به المملكة وقيادتها الرشيدة من أجل فلسطين والقُدس ويدركه كل عاقل ولبيب ويثمنه عالياً، بعيداً عن ركوب موجة العاطفة والرقص على جراح الأمة كما تفعل طهران وأدواتها القذرة في المنطقة.
وعلى دروب الخير نلتقي.