لا شك أن المتابع والمتأمل بعناية واهتمام دقيق يلاحظ ما يحدث في العالم الآن من تقدم سريع على الساحة الثقافية الغربية مع رفع كافة القيود والحواجز أمام حركة الثقافة والفكر والعلم والتكنولوجيا وذلك بسبب ثورة المعلومات وتقنية الاتصالات وذلك من أجل طمس الحضارة العربية والإسلامية من قبل جهة غربية معادية للإسلام والمسلمين - حيث إن الثقافة الغربية قد أثبتت وجودها حاضرًا أو مستقبلاً على الساحة الدولية سياسيًا واقتصاديًا وصناعيًا وعلميًا وعسكريًا وذلك بفضل التقدم التقني والتكنولوجي فهى تسعى بكل ما تملك من عدة وعتاد من أجل الانتشار والتغلغل في كافة بلدان العالم بما فيها العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص فإن الحضارة العربية والإسلامية تقف الآن موقف المتحدي كما جاء على لسان «ارنولد توينبي» في نظرية التحدي والاستجابة فإن الغرب رفض أسلوب الحوار الحضاري واختار أسلوب الصدام الحضاري، كما ذهب إليه المفكر «صامويل هنتنغتون» في كتابة «صدام الحضارات» فالواجب على الأمتين العربية والإسلامية أن تؤسس هدفًا حضاريًا تعالج به مشكلات الحضارة العربية والإسلامية - لأن الثقافة العربية والإسلامية أصبحت مستهدفة ومهددة في الوقت الحالي وذلك في ظل العولمه من قبل الحضارة الغربية التي تحاول بشتى الطرق وبشتى السبل إلى اختراقها وغزوها في عقر دارها وذلك بطريقة غزو عقول أبناء العرب والمسلمين وغسل أفكارهم وأدمغتهم وصياغتها بالطرق التي أرتأته وكذلك طمس الهوية والانتماء إلى جانب هدم المقومات الأساسية للثقافة الفكرية والأخلاقية والعقدية والسلوكية وخصوصًا ما يتعلق بهذه العقيدة الإسلامية الصحيحة واللغة العربية وكذلك التراث والثقافة، فالغرب يعمل ما يملك من وسائل على تشويه صورة الإسلام حضارة وتاريخيًا في أعين أبناء الأمتين ويحاول بالطرق الملتوية والخادعة على عزل أبناء الأمتين عن الثقافة العربية والإسلامية الأصيلة، كما يعمل على طمس معالم الحضارة العربية والإسلامية ونهب خبراتها وثرواتها إلى جانب وضع كافة العراقيل أمام مسيرتها الحضارية وهذا يعد المفهوم العام والخاص للتحدي الحضاري عند الغرب فإن العقبات الأساسية والمحدقة بالثقافة العربية والإسلامية في هذا العصر بالذات يتطلب جهودًا جبارة من جميع الجهات المعنية للأمتين السياسية والإعلامية والتعليمية والثقافية والدعوية والاقتصادية والاجتماعية والتكاتف والتعاون بكل عزم وقووذلك من أجل وضع خطة إستراتيجية كفيلة بالتغلب على كافة أخطار العولمة الثقافية على بلدان العالم وقد كتب عدد من المفكرين العرب والمسلمين عن أسباب تأخر أبناء الأمتين وتقدم غيرهم عنهم ولكن الأسباب ربما تكون مجهولة أو أن العقل العربي لم ينضج بعد وذلك للبحث عن مثل هذه القضايا المهمة لكن أكثر الأطروحات التي طرحت على الساحة الثقافية إثارة عقول المفكرين المعاصرين من العرب أمثال: المفكر الدكتور محمود محمد سفر ويعد رائدًا من رواد الفكر الحضاري المعاصر في بلادنا الذي يرى أن عراقيل التحدي الحضاري يكمن في صمودنا وثباتنا على مبادئنا وتمسكنا بأصالتنا. فيرى أن جوهر التحدي يكمن في مواجهة التحدي الغربي بثباتنا على المبادئ والقيم الإسلامية الأصلية واعتزازنا بشخصيتنا ولن يكون الموضوع سهلاً أو ميسرًا، فالعالم من حولنا يعيش في دوامة فكرية وبريق حضاري زائف فإن هناك جهات تتمنى لنا الفشل بشتى الطرق وتحاول بقدر الإمكان البحث والتنقيب عن أخطائنا وعثراتنا وهفواتنا فالواجب علينا أن نتمسك بأصالتنا وأن نعتز بشخصيتنا فهو جوهر التحدي الحضاري وقد توصلنا من خلال الدراسة القيمة إلى أن عوامل الإقلاع الحضاري يتمثل في النقاط التالية:
أ- استيعابنا لحضارة العصر.
ب- تبني الأساليب الحضارية الإيجابية.
ت- إدراك التفاعل المطلوب بين النظم والأفكار والزمن.
ث- تصحيح النظرة إلى الحضارة المعاصرة.
ج- حماية منجزاتنا الحضارية.
وفي نهاية هذا الموضوع المهم أدعو اخواني المهتمين والمتخصصين بهذا المجال إلى الالتحاق بالركب الحضاري والاطلاع على كتب المفكر الاستاذ محمود محمد سفر بعنوان «التحدي الحضاري وكيف نواجهه».
وفي ختام هذا الموضوع فإنني اقترح على الجهات المعنيه ما يلي:
1. غرس القيم الدينية المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه.
2. الاستفادة من مبادئ العولمة.
3. تجديد الخطاب الثقافي حتى يتلاءم مع متطلبات العصر.
** **
- عبدالعزيز صالح الصالح