الأندية الأدبية تلك المحاضن الشهيرة والتى تجمع طيفا واسعا من المثقفين وأشباههم فيها تنشأ الخلافات والاختلافات المفارقات والمقاربات القليل منها يبنى على التنوع فى المشاهدة والرأي والتقرير ،وكثير منها ينشأ من خلال مفاهيم الشللية ومتلازماتها.
الهم الثقافي عند النخب -كما يروجون لانفسهم- من منسوبي هذه الاندية، وخصوصا فى الأطراف ، يسكنه ويسكنهم التوجس من الاخر والآخر لا يعني البعيد المختلف بالضرورة ولكنه قد يعني كل وجه جديد يحلم بالانضواء تحت هذه الجوقة المثقفة فى ذلك المكان القصي.
هذا الآخر يظل يستجدي الحضور فى هذه الانديه ويسأله عبر النافذين فى هذه الشلل مرة يكون عبر نتاج أدبي ينتظر نقده أو حضور فني ينتظر من خلاله اشادة عابرة تشعره بوجوده كمشروع مثقف قادم الى الساحة.
لكن سياسة الولاء للشلة فى هذه الاندية، تبقى عائقا فى وجه كل ناشئ طموح يحلم بالتميز والارتقاء الى مصاف النخب الثقافية الحقيقية.
هنا يظهر العقل الجمعي لشلل هذه الاندية من خلال استقصاء اخبار هذا الناشئ الجديد، فتعيد الشلة تفكيك حضوره وتاريخه قبل خطابه الذي بين أيديهم ،تجمع المعلومات عنه، وعن حسبه ونسبه، وتوجهه، مطيع أم عاص ،مستقل أم تابع؟ ،موهوب أم مصنوع؟
ثم تسلط عليه الأضواء التسلطية الكاشفة ليرى ويصنف وفق ضوابط الولاء والبراء لهذا العقل الجمعي الشللي فان كان لديه نفوذ داخل هذه المنظومة نجا وأفلح وان كان وحيدا باء بالخسران والخذلان ليظل مجرد رقم صغير لا يقدم ولا يؤخر او يؤثر .
باختصار وسطنا الثقافي الشللي طارد وليس مستقبل يعيش بسياسة اقرب الى الميكافيلية ولوازم حضورها وهذا ما يجعل هذه المجتمعات الاقصائية تستأثر بالعمل الثقافي وتنافس بعضها دون ان يكسر احد المنتمين اليها حاجز منطقته القصية، ودائرته المحيطة ليحلق عاليا فى آفاق الابداع متميزا يُعرف داخل الوطن وخارجه. أعضاء هذه الشلة معزولون عن العالم الثقافي فى نتاجاتهم ينافسون انفسهم وفي تميزهم يظلون حاضرين بذات المعايير التى وان تجلت داخل مساحة تأثيرهم الا انها تظل تجليات محلية الصنع والتأثير ،كل ذلك بسبب ضيق الافق وانحسار مساحات التفكير التى تؤثر على حضورهم كمنتجين للثقافة والفكر فى مناطقهم وأنديتهم.
ان مناشطهم الثقافية تختزل فى حضور بسيط جدا لا يتواءم مع شعورهم بذواتهم وتقديرهم الزائد لحراكاتهم ،فهم وفق تصنيفهم المحلي الشللي رواد المرحلة وأدبائها ومفكريها الافذاذ لكنهم فى الحقيقة ومع تعدد الالقاب والكنى مجرد نسخ كربونية كرتونية مصدقة تتشابه حضورا وانتاجا تتعدد (اسماء والقابا في غير موضعها ،كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد)
** **
- علي أحمد المطوع