سمر المقرن
في تغريدة لاستشاري طب الأطفال الدكتور حسين الشمراني، ذكر فيها أن طفلة حضرت إلى عيادته تعاني من خوف وقلق شديد بعد سماعها لقصص عذاب العصاة والكفار من معلمتها التي حدثتها عن قصص عذابهم في القبر وفي جهنم. في الحقيقة كنت أتصور أن هذه النماذج السلبية من المعلمات والمعلمين قد اندثرت خصوصاً بعد الحملات القوية الحكومية والفردية ضد الإرهاب ومنابته، لكنني ما زلت أتفاجأ بهذا السلوك الذي أكل عليه الدهر وشرب، وقد أتانا من حِراك ما كان يسمى بـ»الصحوة»، وقد كنت في طفولتي ومراهقتي أحد ضحاياه، فما زلت أتذكر حالة الرعب الشديدة التي عشتها بعد أن قرأت منشوراً تم تعليقه على باب بيتنا يتحدث عن عذاب القبر والثعبان الذي سيضرب رأسي هناك، وما زلت أتذكر تلك الفئة التي كانت تسيطر على المدرسة أيام المرحلة الثانوية، وكان عمل هذه الفئة المكونة من طالبات ومعلمات، هو أن تختار الطالبة بين أن تنتمي إلى جماعتهم أو تكون منبوذة في المدرسة وقد تصل بها النتيجة إلى الرسوب، خصوصاً إن ظهر على الطالبة علامات عدم التشدد.
أتذكر حالة التخويف الشديدة التي كنت أعيشها، كان التخويف من كل شيء ومن أبسط الأمور، كنت أستيقظ مرعوبة عندما أتذكر أن لبسي للبنطلون سوف يحرق الجزء الملبوس من جسدي بالكامل، وأن تنظيف الحواجب سيشعلها ناراً بعد موتي في مغسلة الموتى، أتذكر جيداً عندما كنت في الصف الأول ثانوي تلك المرأة التي أتت إلى المصلى لعمل محاضرة وكانت تسرد لنا قصص النساء التي تقوم بتغسيلهن وتكفينهن، كانت قصصا مخيفة، كانت تحلف بأن هناك نساء قامت بتغسيلهن اشتعلت النار في حواجبهن لأنهن نامصات، ما زال في أذني صوت النواح والبكاء الجماعي في المصلى ونحن نسمع تلك القصص!
كانت تلك المراحل التي مريت فيها ومر فيها غيري مراحل صعبة، ولها تأثير سلبي قوي على حياتنا كأفراد ومجتمع. توقعت أن تلك الحقبة الغابرة قد ولّت إلى غير رجعة، قبل أن أقرأ تغريدة الدكتور الشمراني.
أعتقد أنه من الضروري طي صفحة تلك المرحلة، وتعزيز معاني الحياة الجميلة في نفوس النشء بعيداً عن تلك الثقافة الظلامية. من المهم إبعاد كل أصحاب هذه الأفكار عن مدارسنا وجامعاتنا بما لا يقبل أي نوع من أنواع التعاطف، على أن تقوم وزارة التعليم بحملة تطهير تكون بقيادة إدارات المدارس والجامعات المسؤولة عن هذه النوعية من المعلمات والمعلمين وإبقائهم في منازلهم بعيداً عن مستقبلنا الجميل وحياتنا المشرقة بالأمل والتفاؤل!