هالة الناصر
للثقافة تأثير على مستقبل الإنسان، الأدلجة التي تتحكم في سلوك الشخص إن لم ينتبه لها تؤدي به إلى المهالك إذ تجعله عدوا لما يجهل، وأخطر مراحل الانحدار الإنساني والفشل المهني عندما يصل الانسان لمرحلة يشعر معها بالعداوة تجاه كل مايجهله ولايستطيع فهمه ، فيبدأ بإقصاء كل من يختلف معه، ورويدا رويدا حتى يصل لإقصاء مجتمعه بالكامل، الموهوب العربي هو ابن بيئته التي تهمس بإذنه بأنه موهوب عبقري ثم تتجاهله وتتخلى عنه وهو في منتصف البحر، الموهوب لايحمي موهبته بالمحافظة عليها وتطويرها في ظل غياب جهات أو مؤسسات تهتم بالموهوبين وترعاهم رعاية حقيقية وليست مجرد رعاية شكلية لرفع العتب والتنفع المادي خلف مهام وهمية وغياب التدقيق والرقابة والمحاسبة،كثير من الموهوبين في مخيلتك تجد أن أغلبهم واجه نفس المصير من الفشل، فشلوا بنفس الطريقة وبسيناريو مكرر، وكأن القدر يعيد نفسه مع كل واحد منهم، لسبب مهم وهو أنهم نتاج ثقافة واحدة ذات أيدلوجيا تصدر أجيالا تتشابه عقولهم كما تتشابه وجوه أهل الصين، الموهوب العربي في أيدلوجيته لا يحمي نفسه من مديح بداياته وما يراه من انبهار بموهبته فيشعر بأنه قد وصل القمة، لينزوي في زاويته وينتظر من يقدر موهبته، ينتظر من يحفزه، ويدعمه، وعندما لا يجد، يبدأ في نقد هذا وذاك من المجتهدين غير الموهوبين الذين أخذوا مكانه وألغوا مكانته، ينصب نفسه حكما في مجاله فيقصي ما عداه، وعندما يجد بأن هذه الطريقة غير مجدية يحاول أن يعيد ترتيب أوراقه وتصحيح مساره فيستعين بالذكاء الاجتماعي الذي كان لا يؤمن به، لكن الحياة مضت والوقت لا يسعفه ولم يعد يملك عمرا كافيا للبدء من جديد، تذكرت هذا الكلام وأنا أرى إعلاميا كان موهوبا ومستقبله ينبئ بأنه سيكون اسما إعلاميا لامعا، رأيته وهو ينتقد ويقصي ، يمدح هذا ويذم ذاك، في حال يرثى لها ومشهد لايليق بإنسان كان راقيا وخلوقا لكن لعنة الموهبة تحل على رأس كل من لايقدرها ولايجتهد في تطويرها لتجعله (مسخرة)!