سلمان بن محمد العُمري
لغة الأرقام لا تكذب وهي ليست مقياسًا اقتصاديًا فحسب، بل هي لغة الحقيقة والمعرفة في كل الميادين، ولعلي استهل حديثي إليكم ببعض الأرقام المزعجة للإرهابي الحوثي ومن معه وبعض جرائمه في اليمن الشقيق وأول هذه الجرائم والأعمال المشينة بحق بيوت الله والقائمين عليها من الأئمة والمؤذنين فقد أكَّد علماء اليمن أن مليشيات الحوثي اعتدت على 750 مسجدًا ودارًا للقرآن، وعبثت فيها تدميرًا ونهبًا وانتهاكًا، إضافة إلى خطفهم الخطباء والأئمة والمصلين، كما أجبروا خطباء جوامع صنعاء على ترديد شعارات طائفية دخيلة، كالصرخة وغيرها من الشعارات التي تحرض على القتل والتدمير وبث العداوة بين أطياف المجتمع اليمني.
وذكر تقرير صادر عن علماء اليمن بأن 30 مسجدًا دُمر بشكل كامل، فيما تعرض 35 مسجدًا آخر لأضرار بالغة، وتهدمت أجزاء من مباني تلك المساجد نتيجة التفجير أو القصف الذي تقوم به الميليشيات الحوثية الانقلابية في اليمن.
وأضاف التقرير أن الحوثيين هدموا 16 دارًا للقرآن الكريم، ومثلها من المراكز الدينية بذات الأسلوب، واقتحموا 150 مسجدًا، وقاموا بتحويلها إلى ثكنات لجنودهم ومخازن لأسلحتهم، كما قامت ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح خلال ثلاث سنوات، باقتحام 84 مسجدًا وتهديد المصلين داخلها، ونهبوا 12 مسجدًا، فيما تعرضت خمسة مساجد لإطلاق النار، فضلاً عن خطف وتعذيب 150 من أئمة وخطباء المساجد وبعض المصلين.
إن الانتهاكات التي طالت بيوت الله ليست بغريبة عن مشروع الميليشيا الذي يقوم على عداوة العقيدة الصافية والدور الذي تقوم به المساجد ودور القرآن، وهذه الجرائم لم يستنكرها علماء اليمن فقط، بل كل مسلم غيور على دينه وفي قلبه إيمان فمن الذي يرضى الإساءة لبيوت الله والاعتداء عليها وانتهاك حرمتها والتطاول على المصلين والأئمة والمؤذنين وهدم بيوت ودور القرآن الكريم، وميليشيا الانقلاب ركزت على المساجد في المحافظات التي تسيطر عليها لأن المسجد يتصدى لمشروع الحوثيين بالعلم والفكر الوسطي المعتدل.
وتمتد الجرائم لبقية دور العلم وللمراكز الصحية وكافة المرافق العامة ونال رجال الإعلام ما طال العلماء والمصلحين.
ولم تقف جرائم الحوثيين والمخلوع عند إفقار الشعب اليمني وتجويعه بل استهدفوا أيضًا شاحنات الإغاثة بالسلب والنهب أو إطلاق العبوات الناسفة عليها، فمشروعهم تجويع وإفقار، لقد هدت الأمراض الفتاكة بالشعب اليمني وحال المجرمون دون وصول الغذاء والدواء، ومن بين الأمراض الخطيرة المنتشرة حاليًا الكوليرا الذي أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين فيه باليمن أكثر من 200000 مائتي ألف مصاب والعدد بازدياد فكل 35 ثانية يصاب شخص بالكوليرا.
بعد هذه الإلماحة السريعة عن جرائم المارقين في اليمن فلا نستغرب من المحاولات اليائسة البائسة لهم في التطاول على بلادنا، فهذه الفئة التي آذت أهلها، وأشعلت الفتن والقلاقل منذ عدة سنوات في اليمن الشقيق، ثم تطاولت بالتعدي على حدود بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية، وقذف بعض الصواريخ، وكان أبطالنا الأشاوس بتوفيق الله ونصره وتأييده لهم بالمرصاد، ومن تجاوزوا الحد نالوا جزاءهم تأديبًا لهم، وردعًا لأمثالهم.
لا أحد من عقلاء الشعوب يفضل الحروب، ولكن حينما يكون الأمر متعلقًا بحقوقك وسيادتك على أرضك، فإن اليد التي امتدت إليك لا بد من أن تقص، واليد الآثمة التي قتلت ونهبت لا بد من أن تأخذ جزاءها، وأن يصار بحقها إلى أعمال تردعها مستقبلاً وغيرها من تكرار العمل المشين.
إن المعتدين ومن تابعهم هم دعاة فتنة في بلدانهم وعلى جيرانهم هم ومن أوحى لهم هذه الأعمال السيئة، فقد فارقوا الجماعة، وحملوا السلاح على إخوانهم، وبغوا وتعدوا، وقد روى الإمامان مسلم وأبو داود عن عرفجة بن شريح الأشجعي أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب في الناس فقال: إنها ستكون بعدي هنات وهنات فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق أمة محمد كائنًا من كان فاقتلوه فإن يد الله مع الجماعة والشيطان مع مفارق الجماعة يركض).
لقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عمّا سيقع من أحداث واضطرابات تصيب هذه الأمة على يد من لم يتذوقوا الإسلام، ولم يهتدوا إلى تعاليمه التي انصبت كلها لخدمة المجتمع الإسلامي، والتآلف بين أبنائه، وأمر بالضرب على أيدي العابثين المفسدين الذين دأبوا على الفوضى، وتفريق الجماعات، وإشاعة الخوف والتخريب، والمعتدون ومن على شاكلتهم مولعون بإيقاد نار الفتنة والطائفية لتحطيم كيان الأمة، وتمزيق وحدتها والخصام بين أفرادها وجماعاتها كما عملوا منذ سنوات في اليمن.
إن المملكة العربية السعودية دولة محبة للسلام تنشد العدل، وتحترم حقوق الإنسان وتعمل على تسخير ما حباها الله من نعم عديدة لتحقيق تطلعات شعبها وتطلعات الشعوب العربية والإسلامية ضمن مفهوم إنساني مشترك يجمعها مع كل الشعوب المحبة للخير والسلام، ولكنها بحزم وعزم وبعون الله قبل ذلك ستقطع كل يد تمتد إليها بسوء وتخرس كل لسان.
لقد كان للمملكة العربية السعودية، وبدون منّ أو أذى فضل كبير، ومعروف كثير على إخوانهم في البلدان المجاورة، ومن بينهم المتطاولون والعابثون في سائر المجالات، فقد وصلت المشروعات المجانية الممنوحة إلى قراهم وبلدانهم من مصحات طبية، ومرافق تعليمية، وطرق، فكان جزاء الإحسان الإساءة، والجميل النكران، وهكذا هم اللئام دائمًا وأبدًا.
نسأل الله أن يديم علينا النعم ويدفع عنا الفتن والمحن والنقم وأن يجعل هذا البلد آمنًا مطمئننًا وسائر بلاد المسلمين، وأن يحفظ ولاة أمرنا وقادة نهضتنا، وأن يحفظ رجال أمننا وأن يحيطهم بعينه التي لا تنام وركنه الذي لا يضام، وأن يهدي ضال المسلمين وأن يقمع الباغين والظالمين.