د.محمد بن حسن الزير
إن هذا الإنسان السعودي؛ قيادة وشعبا؛ ابن هذه الصحراء التي نشأ فيها وتعلم منها، وتفاعل معها، بكل ظروفها، وتقلباتها، وتأقلم مع طبيعتها المختلفة، واستمد من مدرستها الفطرية صفات إيجابية كثيرة، وما برز فيها من المشهدين المهمين، وما لهما من آثار بعيدة المدى، ليس في حياة العرب فقط، وإنما في حياة أمم كثيرة أخرى على وجه هذه الأرض:
المشهد الأول: هو هذه اللغة العربية العبقرية، وما نتج عنها من نثر وشعر، ثم في كتابها المقدس، المعجز بلسانه المبين!
وسأكتفي هنا بالإشارة لما صوره الشاعر العربي لراحلته في صحرائه، بسبب العلاقة التبادلية بينهما، وتشابههما الذاتي في الواقع والمواجهة، والصراع والمصير، وفي القوة والصلابة؛ ألا وهي ذلك الحيوان الأسطوري العظيم، وسيلته للحياة والنجاة والانتصار، في رحلته القاسية؛ ألا وهي الإبل العربية؛ وقد مجّد الشعراء، هذا الحيوان العظيم في خَلْقِه، والعظيم في منافعه، وأسبغوا عليه من الصفات ما أسبغوا!
والأمر الثاني: هو ذلك الحدث الكوني الضخم الفخم، الذي دوت أصداؤه في أرجاء المعمورة، منذ ظهوره، ألا وهو دين الإسلام؛ دين الرحمة والسلام للعالمين أجمعين!
قد نتج في هذه الصحراء خلال أخلاقية حميدة، وقيم إنسانية، هي أثر من بيئتها، واحتياجاتها؛ حيث نجد صورا فريدة من مكارم الأخلاق، وحميد الشمائل؛ كالشجاعة، والبطولة، والفروسية، وإكرام الضيف، ونصرة الجار، وحفظ العرض، والإيثار والمروءة، والنخوة والإباء، وصيانة العهد، والوفاء بالعهد، إلى آخر تلك القيم والمكارم، التي جاء الإسلام متمما لها!
وهناك أمر ثالث: وهو أنها مصدر عظيم للطاقة؛ ليس فقط بما تحويه من الثروات البترولية والغاز الطبيعي؛ وإنما لكونها معينا لا ينضب من الطاقة النظيفة، المتمثلة في الطاقة الشمسية، وكذلك طاقة الرياح الهائلة؛ مما يعني أن هذه الصحراء، بأرضها ومواردها، وبإنسانها، وثقافتها، وعطائها المدني والروحي، تمثل عنصرا حيويا فاعلا، في المسيرة الإنسانية وازدهارها، وتقدمها نحو آفاق أرحب؛ مما يعني توافر مقومات النجاح لهذا المشروع العظيم، التي تتحول به العوامل الحقيقية من مجرد حلم إلى مشروع عملي واقعي قابل للتحقيق؛ وهي التي أوجزها سمو الأمير محمد في:
1- الإرادة السياسية والرغبة الشعبية القوية.
2- توافر الموارد الأساسية، ووجود مزايا لموقع المشروع، من نواحٍ متعددة.
3- الوقوف على أرض صلبة من منهج الإسلام الوسطي الصحيح، وعزل الأفكار الدخيلة على الإسلام، بطريقتين:
أ- محاربة الفكر المتطرف وما يفرزه من إرهاب وعنف!
ب- تقديم مثل هذه المشروعات الوطنية العربية الكبرى، التي ستقطع الطريق على أصحاب الأفكار المنحرفة المريضة، وتستوعب طاقة الإنسان وتستثمر مواهبه، وتوفر له فرص العمل والمشاركة!
من هنا فلا عجب أن ينطلق سمو ولي العهد، من الاعتداد بهذا الإنسان السعودي، ابن هذه الصحراء المعطاء. وختاما كل التحية والتقدير لقيادتنا الحكيمة، ودام عزك يا وطن!