د. أحمد الفراج
احتفل الإعلام الأمريكي، ورقص طرباً، وتماهت معه منصات إعلام نظام الحمدين وإيران، سواء المواقع التي يقوم عليها إعلاميون غربيون، مثل ديفيد هيرست ورفاقه، أو قناة الجزيرة الاستخباراتية، أو معرفات تويتر التابعة لما يسمى بالمعارضة السعودية، وذلك بعد أن اعترف الجنرال مايكل فلين، الذي عيّنه ترمب مستشاراً للأمن القومي لفترة قصيرة، بأنه مذنب بجريمة الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي (الأف بي آي)، بخصوص تواصله مع السفير الروسي بأمريكا، فالإعلام لا زال يصر على اتهام ترمب بأنه وراء تدخل روسيا بالانتخابات الأمريكية، وكأنّ الولايات المتحدة الأمريكية بكل مؤسساتها الأمنية العظمى جمهورية موز في أمريكا الوسطى، وقد بلغ الحماس مبلغه بخصوم ترمب، لدرجة أنهم قالوا إن الحبل قد بدأ يلتف حول رقبته!
الجنرال فلين، الذي كان قريباً من ترمب ومخلصاً له طوال حملته الانتخابية، كافأه الأخير بمنصب مستشار الأمن القومي، بعد فوزه بالرئاسة، وهو أحد أبرز وأهم المناصب السياسية في الإدارة الأمريكية، إذ يكون من يتقلده مستشاراً للرئيس لشؤون السياسات الداخلية والخارجية والعسكرية، التي تتعلق بالأمن الوطني، ولذا يصبح من يتسنم هذا الموقع الهام من أهم مستشاري الرئيس والمقربين إليه، ولا بد أنكم سمعتم عن أسماء من العيار الثقيل تقلدت هذا الموقع فيما مضى، مثل هنري كيسنجر وريتشارد الين وكولين باول وصامويل برجر، ولا خلاف على أن ترمب استعجل في هذا الاختيار، وأخذته العاطفة بعيداً عن الواقع، نظراً لانعدام خبرته السياسية، لأنّ الجنرال فلين كان منخرطاً في عمل لوبيات المصالح، بشكل لا يجعل منه المستشار الأنسب لرئيس أعتى قوى الأرض.
لم يمكث الجنرال فلين في موقعه طويلاً، فقد عزله ترمب سريعاً، والمثير للسخرية هو أنّ الأعلام المنحاز يعتقد أن اعتراف الجنرال فلين بالذنب قد يلحق الضرر بترمب!، رغم أن ترمب كان قد عزله من منصبه، لذات السبب، أي الكذب على نائب الرئيس ومكتب التحقيقات الفيدرالي!، فكيف يستقيم أن يتضرر ترمب من اعتراف الجنرال المعزول بذنب، كان ترمب قد عزله من منصبه الرفيع بسببه؟!، ولكنه الإعلام الذي يتصيد الأخطاء، ويلاحق ترمب بكل شراسة، منذ انتخابه رئيساً رغماً عن أنف الجميع، وعلاوة على ذلك، فإنّ الجنرال فلين يواجه تهماً عديدة، معظمها لا علاقة لترمب بها، مثل اتهامه بالعمل لصالح تركيا، وسنتابع احتفالات خصوم ترمب، وتخرصات الإعلام المنحاز، والتي ستنتهي بمثل سابقاتها، أي عدم ثبوت صلة ترمب بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ثم سننتظر إثارتهم لذات الموضوع مرة أخرى مستقبلاً، في سلسلة لن تنتهي حتى يغادر ترمب البيت الأبيض!.