جاسر عبدالعزيز الجاسر
حتى وإن استطاع الحوثيون تصفية الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح فإن الشعب اليمني سيواصل تصديه، وسعيه الحثيث للانعتاق من قبضة الحوثيين الذين يعتبرهم اليمنيون والعرب جميعاً عملاء لملالي إيران، وأنهم ممثّلون لنظام ولاية الفقيه يديرون القطر اليمني بعقلية «ولاة الإمبراطوريات» التي وإن لفظها العصر، إلا أن النظام الإيراني والحوثيين متمسكون بالعودة إلى النهج المتخلف من خلال تعلقهم بكل ما هو مرجعي.
الحوثيون قاموا بتصفية الرئيس اليمني السابق لأنه عاد لصوابه، بل وبتحليل أكثر واقعية وعلمية، وجد أن بقاءه في تحالف مع ميليشيات وجماعات طائفية ذات مرجعية ملالية مرتبطة بنظام معاد للعرب وللمحيط الإقليمي الذي لا يمكن لليمن أن تستمر كدولة ولمجتمع وهي منبوذة ومعادية لمحيطها، ثم إن الرئيس اليمني الذي اعتاد أن يكون «القائد» والزعيم طوال ثلاثة وثلاثين عاماً وجد نفسه تابعاً ويدار من شخص يتلقى الأوامر من طهران عبر بيروت، إذ وجد نفسه تابعاً لتابع آخر لا يتلقى أوامره مباشرة من «ولي الفقيه»، بل عبر مرجعه الطائفي الذي نصبه الإيرانيون مرجعاً لعملائهم ممن يحملون الصفة العربية، وعبدالملك الحوثي أحدهم الذي يعد الملا حسن نصر الله مرجعه العربي الذي يترجم له أوامر المرشد التي تبلغ له بالفارسية.
هذه الوضعية لم تتوافق مع طبيعة وشخصية علي صالح وإن تعايش معها طوال ثلاث سنوات فجاءت إفاقته قبل تصفيته بثمانٍ وأربعين ساعة، ولأنه أراد أن يصحح المسار، وأن يعيد تعبيد الطريق لمصالحة اليمن مع نصفه الآخر ومع محيطه الإقليمي، وهو يفشل مخطط عملاء إيران المتمثل باختطاف اليمن وضمه إلى إمبراطورية الصفويين، سارعوا بتصفيته والقضاء عليه، من أجل إخماد نيران وجذوة الانتفاضة اليمنية التي شكلت تهديداً لمخططات الحوثيين وأسيادهم ملالي إيران. جذوة انتفاضة الشعب اليمني وثورة القبائل وتفاعل قوات الشرعية اليمنية وقوات التحالف العربي مع الحراك اليمني الجديد الذي أشعله علي عبدالله صالح بعودته إلى الحضن العربي والتي حاول عملاء ملالي إيران من ميلشيات الحوثيين إفشال الحراك وإخماد محاولة الرئيس السابق تحقيق المصالحة المنشودة، ومع أن الحوثيين نفذوا ما أمرت به طهران، فإن اليمنيين من يحمون اليمن ويحصنونه من الخطر الفارسي لن يسمحوا بتحقيق أهداف عملاء إيران، وبعكس ما يسعى إليه العملاء فإن «استشهاد» علي عبدالله صالح سيؤجج جذوة الثورة ويصعد الانتفاضة بعد تأكد أبناء اليمن من رجال القبائل وقواته المسلحة التي تجنبت اقتحام صنعاء لأسباب ألفتها من تجاوزات وإجرام ميليشيات الحوثي التي كلما أحكمت قبضتها على العاصمة، حولتها إلى مكان لا يمكن العيش داخله بعد حرمان أهلها من الغذاء والدواء وقبل ذلك الحرية والكرامة، وكل هذا سيكون دافعاً لترحيب أهل صنعاء بالقوات الوطنية والعربية التي تعد العدة لتحريرها.