سعيد الدحية الزهراني
جملة العنوان أعلاه أستمدها -بتصرف- من وحي أسلافنا العظماء.. حين يملأ أعينهم وقلوبهم موقف نبيل من رجل نبيل.. فيستحق بفروسيته في ذلك الموقف أن ترفع له البيضاء من عراق السوق..
والشيخ سعيد العنقري استحق أن ترفع له البيضاء من عراق السوق الجديد وهو الإعلام.. بعد أن مد سجيته الكريمة لتشمل جسد الثقافة المعوز.. في أرضه التي أنجبته جبلاً من مُثل كريمة.. ليتكامل البناء والنماء على امتداد خارطة الوطن الأثير..
لم أستغرب العطاء السخي الذي جاد به «أبو سامي» لنادي الباحة الثقافي بنحو 17 مليون ريال.. فعطاءاته التي وقفت على بعضها مثل دعمه للملتقى الإعلامي الأول بالباحة.. وما يتداوله الناس في أحاديثهم العامة في هذا الإطار ينتهي إلى صيغة الجنوبي الشهم في أدق تعبيراتها..
بل إن اهتمامه بالثقافة سمة بارزة في تكوينه العام في مقابل نبوغه المالي والاقتصادي المعروف.. أتذكر قبل نحو 10 سنوات تواصلي مع أبي سامي للمشاركة في ملف ثقافي قدمته عبر صحيفة الجزيرة تكريماً لأبي زهران الأستاذ علي بن صالح السلوك -رحمه الله.. كانت بهجته بالخطوة الثقافية كبيرة للغاية.. أيضاً الدعم الذي قدمه لـ(أصدقاء عبدالعزيز مشري.. أصدقاء الإبداع) حتى خرجت الأعمال الكاملة لمشري -رحمه الله..
المختلف في هذه الحالة يتمثل فيما يبدو لي في اتجاه العطاء الذي قصد الجمال وبناء الثقافة والمعرفة.. في الحين الذي كان حصراً محصوراً على مناحي محددة نتفق حولها جميعاً.. لكننا نتساءل فقط عن الذنب الذي أخرج الثقافة والإبداع من إطارها.. ناهيك عن مجالات أخرى مثل إنشاء مدرسة أو مركز صحي أو نادٍ اجتماعي.. ناهيك مرة أخرى عن غياب أشكال العطاء عن مجالات مهمة وخلاّقة للغاية.. ولك أن تتخيل عطاء خيرياً وقفياً يختص بمعالجة نوع من الطيور المهاجرة يمر بالمغرب سنوياً!
بهذا العطاء النبيل أبا سامي.. تغرس لوز الجمال في عقول الأجيال.. كما لو عدت وكما أنت فلاحاً جنوبياً يحمل شرف أرضه كما عرضه في وجهه.. يغني لصبر حقول الحنطة والقمح ولجودها وغنجها.. والجبال والطيور والأشجار تردد: (ما يمر البخل من ديره يمر العنقري بها) وفق هذا البيت الفاره من قصيدة العرضة لشاعرها الكبير محمد بن مصلح -رحمه الله- بحسب المصدر الشفاهي.. هذا البيت الذي استقر في روحي رطباً ندياً في ليلة عرس سامي وأنا في الخامسة عشرة من عمري تقريباً.. فتى يافعاً لم أكن أعلم حينها لماذا حفظته دون غيره.. إلى أن جاءني جواب القدر حين هممت بكتابة هذا الشكر المستحق يا أبا سامي..
شكراً يا سمي بحجم الضوء العظيم الذي استودعته أهلك وأرضك ووطنك .. ضوء الثقافة والجمال والمعرفة الخالدة..