د.محمد بن حسن الزير
والحدث المهم الثاني، هو ما أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، يوم الثلاثاء 4-2-1439هـ، في منتدى مستقبل الاستثمار، وإطلاقه المشروع العملاق؛ الذي يمثل وثّبة نحو المستقبل، من أوسع أبوابه، والدخول في عصر الثورة الصناعية الرقمية الرابعة، باسم (نيوم: جديد المستقبل) لبناء مدينة جديدة، على موقع مميز، ويستهدف قطاعات؛ الطاقة، والمياه، والتنقل، والتقنيات الحيوية، والغذاء، والعلوم التقنية والرقمية، والتصنيع المتطور، والإعلام والإنتاج الإعلامي، والترفيه، والمعيشة بالخدمات الرقمية المتطورة؛ مما سينقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، وقد لخص سمو ولي العهد الفرق بين هذه المدينة، وبين أي مدينة حديثة حاليا بالفرق بين جيلين من الهاتف المحمول؛ وذلك حين لوح بجوالين قائلا: «الفرق الذي سوف يكون في نيوم.. مثل الفرق بين هذا الهاتف وبين هذا الهاتف؛ هذا ما سوف نعمله داخل نيوم»! وللمشروع ميزات اقتصادية أخرى؛ من حيث العائد، كما أنه سيعمل من أجل استغلال الخامات المتوافرة في المكان، مثل الرمل الأبيض الذي سينتج منه أفضل أنواع (السليكون) في العالم، لإنتاج الألواح الشمسية وتصنيعها، واستثمار الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، إلى جانب ما سيحققه؛ من تطوير رأس المال البشري، وتنمية المهارات والخبرات، وكذلك توفير فرص التوظيف في الوظائف المتقدمة! إنه مشروع جدير بالتأمل والقراءة الفاحصة، والتعمق الشامل لكثير من الجوانب الإيجابية لصالح الوطن اقتصادا وتطورا، ثم هو كذلك لخير الإنسانية أجمع؛ بوصفه سيكون منطقة جذب لكثير من بني الإنسان من شعوب العالم وقبائله، الذين خلقهم الله، وجعلهم كذلك ليتعارفوا، ومن ثم ليتعاونوا، على أساس من العلم والمعرفة.
وسيكون هذا المشروع فرصة للجميع للتعرف من قرب جدا، على الثقافة السعودية العربية الإسلامية، والتعرف على حقائق هذه الثقافة، ومرتكزاتها، ومظاهرها السلوكية، بصورة صحيحة، بعيدا عن تلك الصور المشوهة المغلوطة المنحرفة؛ ولهذا فإنني أقترح، أن يتم إيجاد مراكز ثقافية متطورة، تقدم ثقافتنا وصورتنا الحضارية، لمجتمع هذه المدينة وأفرادها بصورة مدروسة، وبطريقة مفيدة وممتعة، وأن يكون في هذه المراكز (معاهد متطورة) بتقنيات حديثة؛ لتعليم لغتنا العربية الجميلة للناطقين بغيرها من سكان المدينة، وأن تقوم هذه المراكز، بوضع برامج جاذبة، وتنظيم رحلات سياحية وثقافية، لزيارة أماكن سياحية وثقافية مختارة بعناية، خارج المدينة وداخل أرجاء مناطق المملكة الأخرى؛ لما سيحققه ذلك من التعريف بالسعودية وثقافتها، وتحقيق التعارف بين أفراد هذه الأسرة البشرية الواحدة ! وقد عبر عراب هذه المرحلة الزاهرة من الانطلاق نحو آفاق المستقبل الواعد بلا حدود، الأمير محمد بن سلمان، عن أهم عناصر المشروع الطموح، بقوله: «أهم عنصر لدينا هو الشعب السعودي..» ثم بين ركائز هذا الشعب وثوابته الراسخة التي لا يحيد عنها؛ مهما تدرجت به تطورات الحياة؛ حين قال: «الشعب الذي يعيش في هذه الصحراء، لديه الكثير من القيم والمبادئ والركائز؛ ولكن لأنه عاش في هذه الصحراء لمدة طويلة؛ لديه خصلتان مهمتان: الأولى: دهاء، جعله يعيش في صحراء صعبة، والثانية: عزيمة جبّارة، تجعله يقاوم أي شيء ويصل أي شيء متى ما اقتنع به، واليوم لدينا شعب، نعمل معه بشكل قوي للوصول بالمملكة، ومشاريعها وبرامجها إلى آفاق جديدة في العالم».