د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** لم نمرَّ بالدهناءِ «خفافًا عيابُنا» كما مر تجار «أعشى همدان» أو «الأحوص» أو «جرير» - وفق روايات مختلفة لقائل البيتين الذائعين اللذَين استشهد بهما النحويون لنيابة المصدر عن فعله وحذف عامله - وإذ كانوا يعبرون دربهم المرسوم نحو «دارين» ليعودوا منها «بُجرَ الحقائب»؛ فقد اكتفينا في «العِرق» الأول من عروق الدهناء بما ملأ أرواحنا بالرضا ومشاعرنا بالزهو، وكنا « الأستاذ عبدالله الناصر والفنان فهد الربيق وصاحبُكم» ممتنين لما رأيناه، ومفاجَئين بالحضور النوعي لأعضاء جمعية «عون» للبحث والإنقاذ؛ فما كانت لنا معرفة وثيقة بالجمعية قبل دعوةٍ كريمة لارتياد لقائهم السنوي تلقيناها من الصديق المثقف المحامي بندر اليحي.
** مكثنا بينهم ساعتين مضيئتين سألناهم فيهما عن مواردهم المحدودة واطلعنا على إنجازاتهم المشهودة وتابعنا برنامجهم الخطابي وفقراتهم التكريمية، ثم ودعناهم - دون أن نودّ - مثمنين دورهم الوطني ومؤكدين عضويتنا الفعلية لا الشرفية - كما عرضوها - فضلًا منهم ولطفًا، وسعيدين بشبابٍ يبذلون نفوسهم ونفائسهم لإغاثة التائهين وإنقاذ المنقطعين.
** ابتدأت الجمعية قبل خمسة أعوام باثني عشر متطوعًا وتجاوز عددهم اليوم ست مئة - والرقم في ازدياد - ممن أيقنوا أنّ العمل الخيري في جميع مساراته زكاةٌ لأبدانهم ونقاءٌ لضمائرهم وخدمة لوطنهم {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ووفق دلالات الأرقام فقد استطاعوا - بإمكاناتهم اليسيرة بما فيها سياراتهم وطائراتهم الشراعية الخاصة - الوصول إلى 79% من المفقودين أحياءً ، وخلال الأعوام التي مضت أنقذ متطوعو الجمعية ستة وتسعين مفقودًا وانتقل إلى جوار ربه ثمانية وثلاثون ، ومعدّل الحالات الشهرية التي يباشرونها 2.8 حالة؛ فلرئيس مجلس الإدارة الأستاذ سليمان بن محمد الصايغ وعضو مجلس الإدارة الأستاذ خالد بن محمد الكثيري وبقية زملائهم في المجلس والجمعية الدعاء والعرفان.
** في ذواكر معظمنا قصصٌ بل غُصص عمن ارتحلوا للانتفاع أو الاستمتاع ثم خذلتهم الجغرافيا ولم يجدوا البوصلة حتى شح الماء ونفد الزاد ووجدهم أهلوهم بعدما جف طعم الحياة في مسافات أعمارهم ومازالت مآسيهم تؤرق مساءات ذويهم، وقد أطلعنا الصديق بندر على بعض الصور المفجعة لمن تعلقوا بالحياة فغادرتهم ؛ أبدلهم الله دارًا خيراً.
(2)
** في الذكرى الخامسة لتأسيس «جمعية الزهايمر» 2014 م « كتب صاحبكم - بصفته أحد أعضائها - كلماتٍ لخماسيتها وألقاها في احتفاليتها ويستعيدها في خماسية أشقائنا في جمعية «عون»:
** «هي الخمس لونٌ وظلٌ وموعدْ؛ فيومٌ تجددْ، وشهرٌ تمددْ، وعامٌ وسؤدَدْ، وقافية تشتهي الانتماء، ووصلٌ من الأرض يرجو السماء، وعمرٌ يمر كجدول ماء ، وحينًا هباء، ويبقى لنا منه ركضٌ ومرقد، وطيفٌ يردد: هي الخمس شمسٌ تُضيء، تَفيء، تُظِل، تُطِلُّ، تغيبُ، تؤوب، ترى أنّ من عاش يشقى ويسعدْ ، ويأسى ويسهدْ، وينسى ويحمدْ، فلله ما شاءْ، وإياه نعبد.»
(3)
** التطوعُ نافعٌ شافع.