عماد المديفر
خرجت جموع الصنعانيين وقبائل حزام صنعاء في مسيرات حاشدة مدججة بالسلاح، ليلحقوا بأشقائهم اليمنيين على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم على كامل التراب العربي اليمني، صادحين بحناجرهم المنهكة، صارخين بأعلى صوتهم: «لا حوثي بعد اليوم»!..
إنها لحظة تجلٍ وانسجام عظيمة مع الذات والروح العربية الأصيلة. تلك الأرواح اليمانية التي تاقت للتحرر من قبضة الجهلة والمتخلفين الذين تسللوا - باسم الدين- على حين غرة. تلك الحناجر الأصيلة التي تنشد الانعتاق من القهر الناجم عن سطوة السلاح الإيراني في أيدي ميليشيات الحوثي العميلة، تلك التي خدعتهم بهيئتها الظاهرية الهاشمية اليمنية كما تُسوُّق وتدعي، فيما باطنها عبودي تابع لإرادة عمائم الشر والظلام في طهران، فاختطفتهم فجأة في ليلة وضحاها، تمامًا كما سعت لاختطاف قرارهم ومصيرهم ومقدراتهم، وحاولت عبثًا - وهم الأحرار الأباة- إذاقتهم أيامًا عصيبة، من خلال التسلط وفرض الأمر الواقع بالقوة، والتجويع، ورفع الأسعار، وسرقة الرواتب والمعاشات، ونهب المال العام، وابتزاز التجار، والسطو على الغذاء والدواء ومواد الإغاثة، حتى وصل الأمر إلى التهديد بالقتل والسطو المسلح على بيوت المدنيين المسالمين الأبرياء، واستهداف مشائخ القبائل.! فكان للأحرار.. العرب اليمانيين الأقحاح - يوم أن قرروا- كلمة الفصل، بعد أن اغترت عصابات الإرهابي المطلوب «عبدالملك الحوثي» عميل الملالي، بقوتها وسطوتها، وظنت لوهلة أنها تمكنت من بسط نفوذها وهيمنتها الخبيثة الوحشية الظالمة، فخرجت الجموع، وانتفضت القبائل، ووقفت وقفة رجل واحد، يتقدمهم أبناء المؤتمر الشعبي العام وقياداته وقواعده على اختلافها وتنوعها - سواء أكانت موالية للشرعية أم غير موالية- لإنقاذ الوطن، وتوجيهه نحو المسار الصحيح، نحو السلم والرفاه والعيش الآمن المسالم الرغيد، وإرجاعه لحاضنته الطبيعية، ومكانه ومكانته المتقدمة في المسار العروبي الأصيل، والعودة به إلى الأهل والأشقاء، بعد أن سعى الخونة لاختطافه ليكون مجرد أداة في يد نظام ولاية الفقيه الأعجمي.
لم تكن انتفاضة أشقائنا أبناء العم من أهالي صنعاء وما جاورها من القبائل اليمنية العربية الحرة الأصيلة في وجه ميليشيات «الحوثيين» الإرهابية العميلة أمرًا مستغربًا أو غير متوقع. بل إن التساؤل الذي يطرحه العارفون بالشأن اليمني، وفي مقدمهم محللون يمنيون وطنيون، هو: لماذا تأخرت هذه الانتفاضة الشعبية الصنعانية إلى هذا اليوم؟ لا سيما أن جميع أطياف الشعب اليمني على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم قد عزموا أمرهم على مواجهة هذه الميليشيات الهمجية منذ اليوم الأول الذي اقتحمت فيه هذه الميليشيات الغوغائية المدن اليمنية الواحدة تلو الأخرى وسط تواطؤ واضح ومتوقع من شركائهم الراديكاليين من جماعات الإسلام السياسي ذات الصلة التاريخية بملالي طهران، وتساهل غير مفهوم من جزء من قواعد وأتباع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ومن بقي معه من أعضاء وقيادات المؤتمر الشعبي العام الذين توقعنا منهم موقفًا غير الذي وقفوه، وهم أهل دولة وسياسة وحصافة وحكم، لكننا نلتمس لهم العذر، فلربما لم تكن الظروف مؤاتية حينها، وهم الذين على الأرض.. ويعلمون تمامًا ما تكنه لهم عصابات الحوثي من شرور. وهو ما حدث فعلاً بعد ذلك، حين استنجدت القيادة اليمنية الشرعية بأشقائها في دول مجلس التعاون، وعلى رأسهم الشقيق الأكبر والأقرب لليمن.. المملكة العربية السعودية.. هذا الشقيق المحب الذي لم يتأخر للحظة في تلبية نداء الأشقاء ونصرتهم، والوقوف معهم في الملمات والمحن، مهما كلف الأمر من دماء زكية طاهرة غالية لأبنائه، في سبيل إنقاذ اليمن الشقيق والعضيد، وشعبه العربي الأبي الأصيل، برمته، وباختلاف وتنوع أطيافه، من براثن الاختطاف الإيراني الخبيث عبر أدواته وخلاياه السرطانية التي زرعتها ورعتاها طهران منذ سنوات في الداخل اليمني في لحظة حسن نية يمنية لم تكن في محلها إِذ ذاك.. أسهم بها وهيأ لها اختراق التنظيم الدولي للإخوان المسلمين - فكرًا وحركة منظمة- لمفاصل الدولة اليمنية.. بيد أنه ومع انقشاع حالة عدم وضوح الرؤية، وحين تبين للجميع خطر هذه المجاميع المسلوبة الإرادة، والغريبة فكريًا وحركيًا - وإن كانت تنتمي في الواقع لقبائل أيضًا عريقة ولها تاريخها - تداعى أبناء اليمن، ووقفوا بوجهها وقفة رجل واحد، وطلبوا العون والمدد من أهلهم وأشقائهم، فكنا - كما عهدونا- على الموعد.
اليوم، عرف الشعب اليمني الشقيق ميليشيات «الحوثي»، وخبروها جيدًا، بعد أن ذاقوا الويلات منها.. مجموعة من الغوغاء المجرمين الجهلة، متشبعون بأفكار راديكالية طائفية تكفيرية وعنصرية في آن، يتزعمهم عميل إيراني موتور، ترك الزيدية الأصيلة وتقرب لمن يسيئون للإمام زيد بن الحسين- عليه وعلى والديه ووالدي والديه وآلهم صلاة الله وسلامه- ويكفرون الزيود بالإجمال، أولئك هم ملالي الرجعية والظلام في طهران، أسياد سيدهم الخائن المخبول عبدالملك، الذي خان بلاده، وباع أبناء صعدة وما جاورها بثمن بخس، طمعًا بالجاه والسلطة. باع محبي سلالته المزعومة وبني جلدته لمخططات النظام الإيراني الحاقد على العرب والكاره للمسلمين ليكونوا مجرد بيادق رخيصة يحركها نظام الولي الفقيه في طهران من خلال هذا العميل الحوثي الغر الصغير، ليبث الفوضى والفتن والقتل والدمار، على حساب الشعب العربي اليمني، ودمائه، وأمواله، وخيرات بلاده وكل ذلك باسم الدين.. وباسم الله، تعالى الله عما يقولون ويفعلون علوًا كبيرًا.
اليوم، أجمع اليمنيون جميعًا - باستثناء الخونة من أرباب الإسلام السياسي ومشروع الفوضى الخلاقة- على أن ينقذوا بلادهم.. ويرفعوا أصواتهم: «لا حوثي بعد اليوم».. فعلاً وقولاً.. ونحن معهم، وسندهم، ولذلك عزمنا أمرنا بعاصفة الحزم، وعاهدناهم - متى ما صدقونا- على إعادة الأمل.. حتى يعود اليمن إلى مكانه بين جيرانه وأهله وأشقائه.. سعيدًا، رغيدًا، آمنًا مطمئنًا.إلى اللقاء.