هدى بنت فهد المعجل
(المشقَّة) التي نجدها بعد حمل (جسم) ثقيل، هل تساوي، أو تماثل، وتشابه (المشقَّة) التي يجدها الصدر بعد حمل (هَمٍّ) عظيم؟!
* * *
(الأجسام) محسوسة، ملموسة، أو مشاهدة..
بينما (الهموم) خفيَّة غيبيَّة؛ إلا عن موجدها، والمبتلي بها.. عصِيَّة على النظر.. وإن كان وزنها في صدر حاملها أثقل مما تحمله طائرة (بوينج 747) التي عرف عنها إمكانية حمل أثقل الأوزان.
الطائرة معلَّقة بين (الأرض) و(السماء).. لكنها مصونة من السقوط على (الأرض) على الرغم من ثقل تحمله..! ومحمية من ضياعها بين (السموات) السبع..!
الثقل لم يؤذِ جسم الطائرة، ولم يعرِّض ركابها إلى الخطر.. لأن هيكلها جُهزَ وصُمِّمَ لأجل احتمال وزنها وهي فارغة، ووزنها عند الإقلاع بما في جوفها من ركابٍ وأحمالٍ ثقيلة..!
- فهل تستطيع الطائرة الإقلاع بضعف وزنها وهي فارغة؟!
أو هل يستطيع جسم كائن حيٍّ حَمل (جسم) آخر مساوٍ لوزنه، أو ضعفه؟!
ما أعرفه، أنه ليس من شروط ركوب الطائرة معرفة وزن الراكب..!
ولا نطلب معرفة وزن ما ننوي حمله، قبل حمله.. ومع ذلك نحمله كما نحمل الهموم مهما ثقل وزنها.. لأنه لا موازين، ثابتة، للهموم (أصلاً)..!
* * *
عندما أُكَلّفْ بحمل جسم ثقيل؛ لا يستطيع بصري، بمجرد النظر، قياس ثقل ذلك الجسم، وبالتالي رفض حمله أو قبوله..! من يستطيع قياس ثقله، جسدي.. بنْيتي الجسمية.. هيكلي.. فإما أن يُنْهَكْ جسدي من حمله فيقع الجسم مني.. أو أقع أنا.. أو نقع معاً..!! إن لم يستعص على رفعه أو حمله في البدء. وهنا أقرّر رفض حمله، أو استمرارية الحمل.. مع تحمّل المشقة الواقعة؛ أسوة بجسد (المرأة) عندما يرفض (الجنين) لأي عارض صحي فإنه يجهضه دون استئذان أو طلب موافقة منها، وإن بقي، تكبده متاعب ثقالاً... فهل إذا حملت صدورنا (هموماً) فوق طاقاتنا واحتمالنا، أمكننا رفضها أو طردها وسدّ منافذ الصدور في وجهها..!؟ وشعر البشر بثقلها علينا، ليسارعوا في التخفيف عنّا..؟!
* * *
أول أمارات ثقل الجسم انقباض الوجه واحمراره.. انتفاخ الأوداج.. وهي مشاهدة!
في حين أن أمارات ثقل الهم لا تظهر للجميع مباشرة، وفي الحال.. وإن ظهرت فإن إدراك ثقلها لا يكون بمستوى واحد لدى الكل..!
هناك من يدرك فداحة الهَمِّ.. وهناك من يراه تافهاً.. ومنهم من لا يبالي بمعاناة الناس منه، وينشغل بنفسه عنهم.. وقد يندم عند انهيارهم بسببه، بسبب الهَمِّ..! ولات مندم.
ثقل الجسم على الجسم الآخر محسوس، مشاهد..!
وثقل الهَمِّ على الجسم يسمع أكثر من أن يرى، أو نحس به..!
وقلة هم الذين يعلنون عن غزو جيوش الهموم لهم.. لأنهم على بيِّنة أنَّ أحداً لن يؤازرهم.. ويناصرهم.. أو يقف معهم في وجه تلك الجيوش الغازية موقفاً ينتهي بالقضاء عليها.