عروبة المنيف
ما كشفه استطلاع مركز «سمت للدراسات» بأن 94.4 في المائة من المستطلعين راضون عن أداء الأمير محمد بن سلمان وأن 97.5 في المائة يوافقون على الإجراءات المتعلقة بمكافحة الفساد، من دون أدنى شك، يعبر بشكل جلي عن رأي المجتمع السعودي بولي العهد بجميع فئاته، فالنهضة العظيمة التي دشنها سموه هي نهضة رائدة على جميع الأصعدة، بدءًا من برنامج التحول الوطني والرؤية، مرورًا بتطوير استراتيجية الاستثمار وتحسين أوضاع المرأة وتدشين هيئة الترفيه وصولاً إلى محطة مكافحة الفساد التي تعد من أكثر المحطات إثارة ومفاجأة وأكثرها تأثيرًا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
الجميع كان على دراية برؤوس الفساد في المجتمع، فالمجالس تحكي عنهم وعن عمولاتهم وسرقاتهم والرشاوى التي يتلقونها سواءً بالعلن أو الخفاء، وكانت غصة في الحلق تنتابنا عند ذكرالفساد وأهله، وقلوبنا تتلوى وجعًا على وطن استبيح فلم يحافظ المفسدون على أمانة استؤمنوا عليها، ولم يكن في اليد حيلة سوى الدعاء بأن يخلصنا الله من خياناتهم لأوطانهم، لقد أصبح لدينا خشية من انتشار ثقافة العمولات والرشاوى والسرقات والإقطاعات وغيرها من مسميات فاسدة في أن تصبح ثقافة مقبولة وغير مستهجنة فتسمى الأسماء بغير مسمياتها لتصبح العمولة مكافأة، والرشوة حافزًا. ولكم تمنيت أن أرى ذلك اليوم التاريخي «الرابع من نوفمبر 2017». إن ما حصل بذلك التاريخ هو غزوة تاريخية بكل المقاييس، كفت بها الأيادي التي لوثها الفساد وقيدت وبدأت رحلة التطهير المباركة لولي العهد الأمير الشاب، إنها بمنزلة «مكافأة وحافز وعلاوة» حقيقية منحت للشعب بعد طول انتظار، إنها رسالة كان قد صرح بها سموه مسبقًا «لن ينجو أحد» وكان عند كلمته، هي رسالة ذات مغزى بأننا لن نرضى باستمرار الفساد ونهب المال العام وإساءة استغلال السلطة. فاستمرار الوضع القائم والتغاضي عن المفسدين سيكون وبالاً على البلاد والعباد، بتحول الفساد إلى ثقافة فالسكوت يعني الرضا عن السرقة، والرضا يعني القبول، وهنا يكمن الخطر، ولا تخفى علينا دول من حولنا عانت وما زالت تعاني من انتشار الفساد والمفسدين إلى حد النخر في مفاصل الدولة وانهيارها.
إن أموال الشعب ليست سبيلاً، وثقافة النزاهة والأمانة والشرف يجب أن تسود من خلال تدشين حملة وطنية تستهدف منصات التعليم والتثقيف والمنابر الإعلامية لتصبح ثقافة مجتمعية، ألم يدرس المعتقلون من المفسدين، القرآن والأحاديث في المدرسة التي تلعن السارق والكاذب وخائن الأمانة؟، لماذا إذا هناك مفسدون وسارقون بين ظهرانينا يستبيحون المال العام بعد كل ذلك الوعظ الديني؟، استراتيجية وطنية مدروسة لمكافحة الفساد أصبحت ضرورة ملحة.