فوزية الجار الله
أتابع معكم تتبع المعلومات والحقائق الموثقة، رغم أنّ التاريخ يفاجئنا بين الفينة والأخرى بنقض معلومة ما كنا على يقين منها ذات يوم، يحدث ذلك بسبب تدخل الأهواء الشخصية أو عدم التوثيق، لذا تتداخل المعلومات والحقائق..
في الحلقة الأولى من هذا المقال قلت بأنّ الموضوع الذي أدهشني هو ما قرأته عن أول مذيع مصري، صاحب العبارة الشهيرة (هنا القاهرة) المذيع هو أحمد سالم، كان صديقاً شخصياً للملك فاروق، حصل من إنجلترا على شهادته الجامعية في هندسة الطيران، وفي عام 1932م عمل مديراً للقسم العربي في الإذاعة المصرية، وفي تلك الفترة أقنعه طلعت حرب باشا بإنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما وبناء استوديو كبير يكون مصرياً خالصاً، وبالفعل قدم أحمد سالم استقالته وتفرغ لبناء صرح السينما المصرية، فبنى استوديو مصر، وأنتج العديد من الأفلام الناجحة بعد ذلك، وكان موضعاً لثقة طلعت باشا..
هو أول مذيع مصري نطق بتلك العبارة الشهيرة (هنا القاهرة) ومن بعدها لك أن تتخيل كمّ البرامج والأخبار التي تتوالى بعد ذلك، وهل كانت كلها يمكن اعتمادها باعتبارها حقائق لم ولن يعتريها الخطأ أو حتى الريبة والشك، هل كلها دون استثناء لم تعارضها أحداث مستقبلية أخرى حدثت بعد ذلك الزمن.
لن أستغرق كثيراً في حياة أحمد سالم - رحمه الله -، صاحب أول عبارة شهيرة انطلقت من إذاعة مصر (هنا القاهرة)، التي كان يقولها ثم تتوالى من بعدها الأخبار المحلية والعالمية التي شكّلت ذلك الزمان، لكن ما أثار حديثي منذ البدء ووجّه بوصلتي تجاه مصر، هو ذلك الخبر المؤلم الذي حدث مؤخراً، حيث قُتل أكثر من ثلاثمائة شخص من المصلين في مسجد الروضة، وحتى كتابة هذا المقال تضاربت الأقوال حول من قام بهذه المذبحة الشنيعة، هل يعقل أن تهون حياة البشر إلى هذا الحد ؟ أن تموت أعداد هائلة من المصلين في مسجد معروف ولا يعلم من هو المعتدي قائد تلك المذبحة ؟ سمِّيت سيناء بأرض الفيروز لجمال شواطئها، شبه جزيرة سيناء تقع على الحدود الإسرائيلية، وقد كان لسكانها دور كبير في حرب الـ 73م (حرب العاشر من رمضان)، ولطالما شارك أبناؤها في صد العدوان الإسرائيلي، ما حدث في مسجد الروضة يبدو مرعباً مخيفاً، سواء بالكيفية التي تم فيها القتل أو عدد الضحايا. وإلى الآن لا يبدو الفاعل الحقيقي واضحاً، هناك الكثير من الأقوال المتضاربة التي يبثها الإعلام ما بين الفترة والأخرى.. ألم أقل لكم بأنه من الصعب في هذا الزمن الاستناد على حقيقة ما خاصة فيما يختص بالشؤون والأحداث السياسة، وعلى وجه الخصوص في هذا الزمن؟!