محمد آل الشيخ
لم أتفاجأ من انتفاضة اليمنيين على الحوثيين، أذناب ملالي إيران، فقد كانت متوقعة، أما المفاجئ بالنسبة لي فقد كان الذي أشعلها هو الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بعد أن عاد إلى رشده أخيرا، وانحاز إلى الشعب اليمني واستقلاله، ضد هذه الحركة الكهنوتية المتأسلمة، المدعومة من ملالي الفرس الإيرانيين. وهذه الحركة أساسا وقبل أن يتدخل الفرس قادمة من تلافيف التاريخ، وتريد أن تعود باليمن إلى الوراء، معتمدة على الحق الإلهي المزعوم للحوثيين بالإمامة، وأن يقيموا دولة كهنوتية. هذه الحركة تلقفتها إيران، وأغدقت على مؤسسيها الأموال وخبراء الأسلحة، لتكوين حزب الله جديد، على غرار حزب الله اللبناني، وقد كان قبل أن يتحالف معهم الرئيس السابق صالح وحزبه الذي كان يحكم اليمن طوال أكثر من ثلاثة عقود، مجرد ميليشيات، وليس لهم امتدادات ديموغرافية إلا في صعدا، وبعض القرى المحيطة بها، غير أن تحالف حزب المؤتمر معهم، جعلهم قوة بالفعل ضاربة، احتلت صنعاء، وانقلبت على الحكومة الشرعية، وكادت أن تستولي على كل الجغرافيا اليمنية، لولا أن دول التحالف العربي، بقيادة المملكة، قلبت المعادلة، وآزرت الحكومة الشرعية، وحررت خلال السنوات الثلاث الماضية، ما يزيد عن 85% من الأرض اليمنية، وكانت العاصمة صنعاء قاب قوسين أو أدنى من سقوطها في أيدي القوات الحكومية، لولا أن الرئيس صالح، استشعر الخطر المحدق بهم، هو وحليفه الحوثي، وقرر أن يفض الشراكة مع الحوثيين ويمد يده لدول التحالف العربي، وأشعل انتفاضة شعبية في كل المحافضات الباقية تحت سلطة الانقلابيين، بمافيها العاصمة صنعاء. ويبدو أن قرار الرئيس صالح فاجأ الحوثيين، وجاءهم على حين غرة، الأمر الذي أحدث ارتباكا واضحا في صفوف الميليشيات الحوثية، وأدى إلى سقوط معظم أحياء العاصمة، في أيدي قوات المؤتمر، الواحدة تلو الآخر.
وفي اليوم الثاني، يوم السبت، يبدو أن الحوثيين امتصوا الصدمة، واستوعبوا المفاجأة إلى حد ما، غير أن النزال تحول إلى حرب شوارع في صنعاء، ولا أعتقد أن حربا كهذه بين الطرفين، ستنتهي في أيام أو أسابيع، فمن المتوقع أن تمتد إلى أشهر.
المهم بالنسبة لنا أن نطرد نفوذ العدو الفارسي البغيض من خاصرتنا الجنوبية، وهذا الهدف بعد انفصال قوات الرئيس السابق عن الحوثيين، فضلا عن انتفاضة أغلب محافظات اليمن الشمالي عنهم، جعلت احتمال تحقيق هذا الهدف أكثر من الأمس. فالحوثيون أصبحوا الآن دونما حاضنة شعبية، خاصة في العاصمة صنعاء، كما تقول الأنباء القادمة من هناك، إن الإنسان اليمني سئم من تصرفات هذه الميليشات التي يغلب على مقاتليها الفضاضة والجلافة والنزق، وسوء الخلق، والتعامل الفج، الأمر الذي جعلهم يتجاوبون مع دعوات صالح وينضوون تحت إمرته، وليس لدي أدنى شك أن هذا سيساعد الرئيس صالح في الوصول إلى هدفه، ومحاصرة قوات الحوثي، وتقليم أظافرها في نهاية المطاف.
إيران طبعا ستبذل المستحيل لإنقاذ ذنبها الحوثي العميل من مأزقه كما أن دولة قطر، حليف الفرس في الخليج، وبخستها ودناءتها المعهودة، بذلت جهودا مدعومة بالأموال، لإعادة المتحالفين إلى حلفهما، ومواجهة الحلف العربي، غير أنها فشلت حتى الآن، ومازالت حتى كتابة هذا المقال تبذل قصارى جهدها في ما أوكلتها إيران لها.
ورغم كل ذلك، فالحرب في اليمن بين حليفي الانقلاب دخلت إلى طريق اللا عودة، ولا شك لدي أن صنعاء العروبة ستصبح أول عاصمة من العواصم العربية الأربع التي تتحرر من نير الاحتلال الفارسي.
إلى اللقاء