إبراهيم عبدالله العمار
قال الشاعر:
ولا يتقون الشر حتى يصيبهم
و لا يعرفون الأمر إلا تدبراً
هذا البيت يلخص مبدأ حياة الكثير من الناس، بل أمم كاملة!
إني أرى هذا البيت وأنا أرقب ذاك الذي يجلس ويجلس ويهمل الرياضة ويبغض الحركة ويعشق الطعام المشبع بالسكر والدهون وربما يدخن، أراه هكذا فترة طويلة لا يتّعظ بشيء ولا يكترث بقصص المصابين، حتى انضم إليهم لمّا شعر بألم في ذراعه اليسرى لم يعرف سببه (!) إلا لما أخبره الأطباء - وهم يتسابقون لإنقاذ حياته - أن تدميره لصحته على مر السنين قد تكلَّل بالنجاح وانسد أحد شرايينه، فركبوا حلقة معدنية داخله وقسطروه وأعطوه أدوية كثيرة ليتأقلم جسده مع الغريسة الجديدة.
أرى هذا البيت في ذاك الذي ينفجر غاضباً على أتفه صغيرة، وبعد بضع سنين ترى الشيخوخة المبكرة على وجهه، وترتفع نسبة السكر في دمه الذي أيضاً ارتفع ضغطه، ناهيك عن بغض الناس له وإن أظهروا له المودة. فقط في النهاية يقرّر أن يتغيّر بعد أن نسف علاقاته وصحته.
أراه في دول لا تدرس سنن الحياة إلا كمواد نقاش وليس للاتعاط والعمل. خذ الولايات المتحدة مثلاً. دولة تعشق الإمبراطورية الرومانية وتتغنى بأمجادها وطقوسها وعظمتها وتسير على منهجها...لكن حتى في الأخطاء! مثل أحد موبقات الدولة الرومانية العظيمة وهو ما أسماه المؤرِّخ العريق باول كينيدي بالامتداد الإمبريالي المفرط، أي دولة تتوسع خاصة بغزو دول أخرى حتى تصل لمرحلة من التضخم لا تستطيع فيها فرض سيطرتها على كل أرجائها ويستهلك التوسع طاقتها حتى تنهار، وهو ما يحصل الآن لهذه الإمبراطورية المعاصرة والتي تحتاج صرفاً هائلاً مستمراً على مئات القواعد العسكرية حول العالم وآثار التصدع ظهرت منذ سنين.
لو نظرت لنفسك هل ترى أنك ممن يمثّله هذا البيت؟ هل تهمل وتتراخى حتى يصيبك الشر وحينها فقط تتخذ التدابير؟ أم أنك ممن يعد العدة ويتعظ بغيره؟