د.ثريا العريض
في الربع الأخير من كل عام بين شهرَيْ سبتمبر وديسمبر تتوالى احتفالات دول مجلس التعاون بأعيادها الوطنية؛ فكل عام ودول الخليج في استقرار ونماء وإخاء.. وآخر أعيادنا احتفالنا جميعًا بالذكرى الـ46 ليوم الإمارات الوطني.. يوم السعد الذي اتحدت فيه الإمارات بقيادة سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لتتكون دولة الإمارات الشامخة.
ونحن في انتظار انعقاد القمة الثامنة لمجلس التعاون الخليجي, فاجأتنا أنباء الانقلاب على الانقلاب ضد الشرعية في اليمن: انقلب حزب المؤتمر العام بقيادة الرئيس السابق علي عبد الله صالح ضد الحوثيين, وتصاعدت دعوة التحرك لمحاربة الحوثيين ومطاردتهم. وتُظهر أخبار غير مستغربة محاولة النظام القطري إعادة الطرفين إلى التفاهم؛ ما يعني استمرار خنق الشعب اليمني بإفشال مساعي التحالف بقيادة المملكة للقضاء على الحوثيين المدعوم بالمال والتدريب والأسلحة والصواريخ من إيران وحزب الله.. وقطر.
محاولة استيضاح الترابط وتسلسل الأحداث بين إيران والهلال الخصيب وقطر واليمن ودول الخليج تبدو كغرائبية مسرح عبثي في تسارع المستجدات.
ماذا سيؤول إليه الأمر في اليمن؟ وماذا تفعل قطر بنفسها وبدول الجوار؟ ولماذا تستهدف استقرار الجزيرة العربية؟ يطل شبح الشيطان الإيراني في كل محاولة للإجابة. ويبقى ترابط القيادات والشعوب سدًّا منيعًا.
والأمر ليس فقط حالة استفزاز من طوارئ محلية بقدر ما هو استمرارية تاريخية، تتعمد نثر بذور مسمومة سعيًا لتصديع الجوار، وإلغاء مسيرة توحده.
ربما نفهم الإشكالية التاريخية في علاقة إيران بالمنطقة العربية، وحنينها العدواني للاستيلاء على الجزيرة العربية وما وراءها شمالاً وشرقًا.. وغير المفهوم منطقيًّا هو لماذا تستمر هذه التصرفات الغريبة من قطر؟ إلا بافتراض حالة افتقاد توازن نفسي صحي لدى صانعي القرار فيها، يوحي لهم بتهيؤات يستقرئونها من تاريخ الصراع على السلطة في دولة قطر, تستديم التخوف من رغبة جيرانها الخليجيين في التهامها عسكريًّا.
تظل تهيؤات مرضية، لا أساس لها إلا في بارانويا العظمة والشك في علاقاتها بالأشقاء, يفترض أن تقنعها بمصداقية الثقة في العلاقات الخليجية الحميمة شعوبًا وحكومات.
إشكالية مجلس التعاون لا حل لها إلا باستعادة قطر لتوازنها معترفة بأن لا ضمان لبقاء أمنها اقتصاديًّا وسياسيًّا إلا بأن تتخلّى عن احتضان الإرهابيين والمنادين بالانقلابات ضد الشرعية في أوطانهم, وتنقي نيتها وتصرفاتها من الشر، وتتوقف عن مساندة الإرهاب أينما تحركت له بذرة في تراب الجوار.
وكل عام والمملكة ونهضة خليجنا العربي متجذرة الفخر بالعروبة.