رجاء العتيبي
إدارة المناسبات لم تعد اجتهادات شخصية ولا مجرد تقليد لمناسبات سابقة, ولا اجتراراً لفقرات مكررة يظنها البعض أنها ( بروتكول) لا ينبغي أن تحيد عنه المنشأة, إنها (صورة) تنطبع في ذهن الحضور, يأخذونها معهم وهم خارجون, إما (صورة) حسنة عن المنشأة أو (صورة) سيئة عنها.
ومع تكرار هذا الحديث هنا وهناك, إلا أن ثمة جهات حكومية وقطاع خاص, ما زالوا لا يقدّرون أهمية أن تكون المناسبة بأفضل حالاتها, بقدر ما يرونها مهمة (ثقيلة) لا تُطاق أو خسائر مالية, عليهم القيام بها بأقل المواصفات, ولا يهم - بعدها - ما تتركه من أثر سلبي لدى الضيوف.
المناسبة التي تنظّمها الجهات الحكومية والقطاع الخاص لا يعني أنها (مهمة وانتهت)، تفاصيل الحفل كلها مهمة: أنظمة الصوت، أنظمة الإضاءة، الديكور، الملابس، المحتوى، هوية الحدث، المطبوعات، الدعوات، الاستقبال، الأمن والسلامة، الجرافيك، الأفلام التعريفية، الجدول الزمني للعمل ... إلخ. هذه التفاصيل لا يمكن أن تعكس صورة مشرقة عن المنشأة إلا عندما تجمعها (هوية واحدة) و(رؤية فنية واحدة) تنطوي على جمال بصري ومحتوى متقن وقيادة ماهرة في إدارة الأحداث والمناسبات. وهنا تكمن أهمية حفلات التدشين والافتتاح والختام والجوائز والمؤتمرات والملتقيات، فيها ترتفع أسهم المنشأة لدى الحضور أو بالمقابل تنخفض الصورة الذهنية عن المنشاة ويصبح بها قتامة.
ولا يعني أن تملك المؤسسة (أجهزة ومعدات وطاقم عمل) أنها جديرة بتنفيذ المناسبة, ما لم يكن لديها قيادة فنية ماهرة، وهذا ما انتبهت إليه المنشآت الكبرى، حيث تتعاقد مع مخرج أو مع مصمم، أو مع مستشار محترف، لوضع الرؤية الفنية للحدث، ثم يأتي بعد ذلك التجهيزات، فلا قيمة لأنظمة إضاءة محترفة وديكور مدهش وفقرات معدة، ما لم يقدها (مخرج) متمكِّن، ولا قيمة لمطبوعات متنوِّعة ما لم يقدها (مصمم) محترف.
المخرج (مخرج المناسبة) هو الأقدر على تصميم حدث يليق بالمنشأة، ويبث عنها صورة ذهنية جميلة تبقى أطول فترة ممكنة في ذهن الحضور، وتعزِّز مكانتها وتكون مصدر فخر لموظفيها، وتفتح لهم آفاقاً كبيرة من التواصل مع الآخرين وعقد الصفقات، يأتي ذلك بالتنسيق مع فريق العمل في المنشأة ممن يملكون (تصور محدد) عن المناسبة.
المنشأة عليها تحديد (المواصفات), (حجم العمل), (المحتوى)، فيما المخرج عليه صياغة كل ذلك من خلال (صورة بصرية) مليئة بالدهشة, وهذه المهمة لا يقدر عليها المسؤول وحده مهما كانت تجربته في تنظيم المناسبات, باعتبار المخرج يملك أدوات فنية ليست لدى المسؤول الذي عليه أن يقترح ويناقش فحسب, دون أن يفرض, لأنه بمجرد أن يفرض بات (مخرج الحفل). يتحمّل النتائج أياً كانت.