سلطان المهوس
من طوكيو إلى بانكوك وأخيراً موسكو.. ثلاث محطات خلال أسبوع واحد انطلقت من الرابع والعشرين من شهر نوفمبر، حيث اجتماع لجنة المسابقات الآسيوية بطوكيو مروراً باجتماع المكتب التنفيذي الآسيوي «28 نوفمبر» ببانكوك وأخيراً قرعة مونديال روسيا بالعاصمة موسكو «الأول من ديسمبر».. كانت الرياضة والكرة السعودية حاضرة فنياً وإدارياً بملفات قارية ودولية من المهم سبر أغوارها وملاحقة مخرجاتها لتوضيح صورة المشهد الخارجي القادم.
في طوكيو جلس عضو المسابقات الآسيوية سامي الجابر لأول مرة على طاولة الاجتماع بديلاً عن العضو السابق أحمد الخميس - لم أكن أتمنى تغييره قبل الاجتماع بأسبوع - وكان النقاش عن الملاعب المحايدة في دوري أبطال آسيا..!
جاءت توصيات الاجتماع الأطول في تاريخ آسيا «أربع ساعات ونصف» المرفوعة للمكتب التنفيذي للمصادقة عليها مرنة وتعطي مساحة كبيرة للدول التي لا تمنح تأشيرات دخول أو تمنع سفر مواطنيها لدول بعينها باللعب بملاعب محايدة وهو الأمر الذي لم يمرره المكتب التنفيذي حرفياً بحضور رئيس «فيفا» انفانتينيو، حيث اشترط لنقل أي مباراة «الخطر الأمني, الكوارث الطبيعية» طالباً من الاتحادات المعنية أن تثبت الخطورة الأمنية لسفر مواطنيها حتى يمكن الموافقة على الملاعب المحايدة..!!
رفض الاتحاد الآسيوي «أكتوبر الماضي» نقل مباراة ماليزيا وكوريا الشمالية على أرض الأخير» في تصفيات كأس آسيا 2019» بعد منع ماليزيا مواطنيها السفر بسبب «حادثة مقتل شقيق زعيم كوريا بمطار كوالالمبور» واكتفى بالتأجيل طالباً من الاتحاد الماليزي تقديم إثبات الخطر الأمني واستغل الماليزيون تجارب كوريا الشمالية الصاروخية لينتزعوا تقريراً من الأمم المتحدة بأن كوريا الشمالية غير آمنة وهكذا تخلصوا من الأمر!
السعودية والإمارات لديهما مبررات واقعية تحتاج فقط إلى أن تكون في السياق النظامي المرتب لكي تتخطى المطالب القانونية ولذلك فإن العمل الهادئ ستكون نتائجه إيجابية جداً .
في طوكيو، حيث اجتماع المكتب التنفيذي الآسيوي كان واضحاً غياب التنسيق مع ممثلنا أحمد عيد الذي حضر وحيداً ودون إعداد مسبق لأهم أجندة الاجتماع «الملاعب المحايدة»، بل إن الكارثة أنه لم يعلم بنتائج توصيات لجنة المسابقات التي حضرها سامي الجابر؛ ولذلك لم يكن لديه أي حديث من الممكن أن يدافع فيه عن وجاهة طلب الملاعب المحايدة، فيما كان الجانب الآخر أفضل وأكثر انتظاماً وترتيباً وعرضاً لوجهة النظر وهو الأمر الذي يعجل بالمطالبة باقتلاع مرحلة فوضى التمثيل الدولي للسعودية رياضياً والانطلاقة من نقطة الترتيب والتنسيق عبر إدارة خاصة «العلاقات والتواصل الدولي» والتي تتطلب وجود أمين عام لها يستقبل كل الملفات الخارجية وعناصرها والمهام والترتيبات وتكون مرتبطة بمعالي المستشار تركي آل الشيخ مباشرة الذي يحارب بكل الجبهات من أجل صورة السعودية الجديدة دولياً .
في موسكو ظهرت السعودية لتحتل صفحة تاريخ كؤوس العالم بلعبها الافتتاح أمام روسيا المستضيفة وهو أمر ليس سهلاً أبداً، حيث سنكون حديث العالم حتى الافتتاح الذي ستكون مشاهداته قياسية الأمر الذي يعني وجوب الترتيب التسويقي الإعلامي والإعلاني واستغلال الحدث بكل مهنية واحترافية خارجياً بعيداً عن اجتهادات الداخل، فالحدث تاريخي وكبير جداً وضخم والفرصة هي الأغلى منذ أن تأهل الأخضر لدور الستة عشر بمونديال أمريكا 1994م.
في موسكو أيضاً ظهر المستشار تركي آل الشيخ يجتمع بقيادات دولية وآسيوية وعربية حاملاً رسالة الملك وولي العهد بأن تكون الرياضة السعودية الأعلى مكانة وحضوراً بكل مكان؛ ولذلك قال: «أمامنا عمل كبير وصعب وبتكاتف الجميع سنحقق الطموح الذي يرضي شعب المملكة العربية السعودية».
الملفات الدولية وبناء العلاقات واستمراريتها مرهون أولاً بنوعية الكفاءات التي يتم ترشيحها للمنظمات الخارجية، ثم بالترتيب المؤسسي الداخلي لعملها «المرجعية»، وأخيراً دعمها ومحاسبتها إن لزم الأمر..
خرج سامي الجابر من اجتماع لجنة المسابقات الآسيوية فكان عليه أن يجتمع مع عضو المكتب التنفيذي أحمد عيد لإطلاعه على الأمور أو كان على عيد أن يبادر ويسأل سامي لكن كلا الاثنين لم يعلما بأنهما يشتركان بنفس الهدف ولهذا كان «عيد» ضيف شرف في الاجتماع التنفيذي الآسيوي ولا أطالبه بتبني وجهة النظر السعودية لأنه عضو منتخب آسيوياً للجميع لكني أطلب منه تبني الجانب المضاد للأجندة التي تتعارض مع مصلحة بلاده وتقوية «اللوبي» لدعمه بدلاً من «الصمت» والاستسلام..!
العلاقات الدولية والتمثيل الخارجي للرياضة السعودية لا تكون بالمجاملات والفزعات، فاتحاد «عيد» يعزل الأسماء التي كانت بعهد «نواف» واتحاد «عزت» يعزل أسماء اتحاد «عيد» وهكذا نخسر الطاقات والجهد فيما الآخرون يبنون كيانات وكفاءات وينجحون بينما نخفق..!!
إدارة العلاقات الدولية ليست شأناً خاصاً باتحاد الكرة، بل بالدولة وممثّل الدولة هي الهيئة العامة للرياضة التي قطعاً ستولي العلاقات الدولية والتمثيل الخارجي أولوية قصوى بعيداً عن الشخصنة والمزاجية ولاسيما أن رئيس الهيئة هو أيضاً رئيس الأولمبية السعودية المرجعية لكل الاتحادات الرياضية، فمع المستشار تركي آل الشيخ أصبحت الأمور واضحة جداً «لا تراجع عن وصول المملكة العربية السعودية إلى مكانها الطبيعي كأحد أعضاء مجموعة العشرين الأقوى عالمياً».
بين طوكيو وبانكوك وموسكو مسار يجب أن تتم دراسته، فثمة مخرجات سلبية يجب أن لا تعود مجدداً وثمة مشروع ضخم علينا التمسك به بكل قوة.