فهد بن جليد
مُنذ أربعة وعشرين عاماً ونحن نحتفل باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة مع بقية دول العالم - بعد أن أقرَّته الأمم المتحدة في الثالث من ديسمبر العام 1992م -، هناك دول ومجتمعات جعلت من هذا التاريخ نقطة تحول عملية لخدمة وفائدة ذوي الإعاقة بخطط واضحة ومُعلنة مُتدرِّجة, لمنحهم كافة الحقوق اللازمة, فيما يمرُّ هذا اليوم في غالب البلدان كسائر أيام السنة، باستثناء فعاليات وبرامج بسيطة ورسائل توعوية مُتكررة تهدف للتذكير بهذه الفئة، بما يشبه الاحتفال بهم وتسليتهم من باب الشفقة والرحمة، وينتهي كل شيء مع نهاية هذا اليوم، ليعود المعاق لشق طريقه بصعوبة ومرارة في مواجهة ومُكابدة الصعوبات الحياتية اليومية وحده، وربما لن يتذكر الكثيرون حقوقه إلاّ في الثالث من ديسمبر العام التالي.
بإمكاننا أن نجعل من هذا التاريخ عنواناً (للمراجعة والفحص) السنوي الدوري، كاختبار وتقييم لمعرفة مدى ملاءمة البنى التحتية في مرافقنا الحكومية والخاصة والخدمية والتجمعات البشرية (المساجد، الحدائق، المدارس، الشوارع، المستشفيات، الشركات، المجمعات.. الخ) لذوي الإعاقة بمختلف أنواعها وأشكالها ودرجاتها، وفحص الإجراءات والاشتراطات والخدمات المُقدمة للتأكد من أنَّه تم مراعاة ظروفهم، وهذه مسؤولية وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي يقع عليها واجب تعليق الجرس.
واقتراح برنامج التقييم الشامل للمباني والخدمات، وإقراره بعد فتح المجال للاشتراك فيه كوثيقة ومرجعية سنوية، لكشف المُتخلفين عن تجويد خدماتهم ورفع معايير الجودة، علينا أن نُصحِّح المفهوم السائد بأنَّ رعاية هؤلاء والاهتمام بهم وتقديم الخدمات لهم مسؤولية الدولة فقط، لنتحوَّل إلى مجتمع فاعل وقادر - مع تقدير الجهود المبذولة طوال العام من المؤسسات الحكومية والخاصة ومن المتطوعين لخدمة ذوي الإعاقة -، ولكن على القطاع الخاص ورجال الأعمال تحديداً أن يلتفتوا إلى هذه الفئة الغالية ويساهموا في إحداث التغيير، لنتخيل حالهم وظروفهم المعيشية لو أنَّ (الثالث من ديسمبر) كل عام، كان يوماً تتنافس وتتسابق فيه مختلف الجهات والمؤسسات لإعلان المُبادرات الخاصة، والتسهيلات الجديدة في خدماتها لذوي الإعاقة, والإفصاح عن الخطوات العملية والهندسية التي تمّت لتغيير بنيتها التحتية حتى تتكيف مع ظروفهم، وتصبح بيئة مُلائمة وصديقة لهم، إلى غير ذلك من الخطوات العملية المُتتابعة.
بكل تأكيد لن نحتاج سوى أعوام قليلة وأيام عالمية معدودة حتى يتغير الوضع، ونصبح بالفعل مُجتمعاً نموذجياً في خدمة المُعاقين (كل المُعاقين بمختلف أنواع إعاقتهم) وتمكينهم ومنحهم الثقة، ليكونوا فاعلين ومساهمين في تحقيق رؤيتنا الوطنية الطموحة التي لم تغفل حقوقهم، في سبيل أن تتغير حياتهم نحو الأفضل.
وعلى دروب الخير نلتقي.