إبراهيم عبدالله العمار
يدخل المحل، يعطيه العامل ابتسامة دافئة ويهتف له: مَرحبًا! كيف حالك اليوم؟ فيرد صاحبنا ببرود: «اعطني وجبة همبرغر».
يمشي في السوق ويرتطم كتفه بكتف آخر، يمشي كأن لم يحصل شيء.
يخطئ على شخص آخر في القيادة، وبدلاً من أن يلوّح معتذرًا يُكمل قيادته بلا اكتراث.
تحصل هذه المواقف التي تنمُّ عن عدم شعور الشخص بغيره ومراعاته، بقصد أو من دون قصد، لكن لدينا طرق لتقليلها، ومن أهمها: التعليم. ماذا لو أضفنا مادة اسمها «المجتمع» قائمة على عِلم الذكاء المشاعري Emotional Intelligence ومنها يتعلم التلاميذ، بل يطبقون الآداب والأخلاقيات التي تنفع كل مجتمع؟
التعليم الورقي لا يكفي لمثل ذلك، بل يجب ممارستها في الفصل كمواقف يطبقها الطلاب. مثلاً يقف طالب ويمشي الثاني ويرتطم بكتفه، فهنا عليه أن يلتفت ويعتذر بلطف. طالب يمثل دور بائع ويدخل عليه آخر، ويرى البائع يرحب بحرارة فعليه أن يرد نفس التحية أو أحسن منها بدلاً من أن يلقي عليه طلبه بجفاف. وهكذا. فقرات تمثيلية ترسّخ مبادئ الاحترام والأخلاق بغير الطريقة الأكاديمية التقليدية التي لا تجدي في مثل هذه الأمور التطبيقية.
أليست هذه أشياء يحتاجها الشخص في حياته اليومية أكثر من الكيمياء والجيولوجيا والفيزياء؟ هذه أشياء تؤثر في حياة الشخص وعلاقاته. يقول الكثير من خبراء التوظيف إنهم يدركون إذا كان الشخص الذي يقابلونه لوظيفةٍ ما سيُقبَل أو يُرفَض من أول بضعة ثوانٍ. من الأسباب أنه ضعيف الذكاء المشاعري، فلم يتعلم الابتسامة (فتنقبض نفس المقابِل إذا رآه عابسًا) أو المصافحة الجيدة (يشعر المقابل بيدٍ ذابلة ميتة) أو المظهر الحسن، ربما يُلقي المقابِل طُرفة فيظل المقابَل جامد الملامح، وطرق كثيرة أخرى يضر بها نفسه وغيره بسبب بجهله بعلم مهم.