د.عبدالعزيز العمر
دون أي مزايدة أقول: إنني أشعر كمواطن سعودي أن هامتي اليوم تتطاول السحاب وتعانقه وأنا أرى قياداتنا السياسية تحاصر الفساد وتعلن حربها الضروس عليه. بالطبع قد لا تتحول بلادنا إلى المدينة الفاضلة، ولكن من المؤكد أننا نسعى جاهدين للاقتراب منها. كل المؤشرات تدل على أننا نسير اليوم بثقة عالية نحو كسب الحرب على الفساد. تذكروا أننا في الزمن الأول كسبنا الحرب على الأمية والجهل عندما حاربناها في كل وادٍ وفي كل جبل وكل سهل عبر حملات المكافحة، وتذكروا أيضًا أننا كسبنا الحرب على الإرهاب والتطرف عندما حاربناه بضراوة شهد لها القاصي والداني. أما اليوم فرحى الحرب تدور على الفساد. تذكروا أنه خلال معركتنا مع الإرهاب أعدنا هيكلة مؤسساتنا وتشريعاتنا الأمنية، وأعدنا توصيف وتوزيع مهامها لتكون داعمة لمشروع القضاء على الإرهاب. وبنفس المنطق أقول إن مواجهة الفساد اليوم لن تكون سهلة، فالفساد له ألف لون وله ألف وجه، بل قد يخرج علينا الفساد مخادعًا مرتديًا عباءة النظام وعمامة الزهد والطهر. لذا فإن محاربة الفساد وإغلاق كل المخارج التي يمكن أن ينفذ منها قد تتطلب اليوم استحداث مؤسسات أو إعادة هيكلة وصياغة لوائح ونظم المؤسسات القائمة المعنية بمواجهته، خصوصًا المؤسسات المسؤولة عن المراقبة والمساءلة والمحاسبة. مطلوب من التعليم أن يشارك في الحرب ضد الفساد، مطلوب من معلمي الدين ومعلمي الدراسات الاجتماعية أن يبينوا لطلابهم المعاني السامية والعظيمة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو أن فاطمة بنت محمد...) وعلى معلمي التربية الوطنية أن يعرفوا الطلاب بمؤسسات الحكم السياسية والأمنية والقضائية، وأن يعززوا لدى الطلاب هويتهم الوطنية ويرسخوا لديهم قيم الانتماء لوطنهم والمشاركة في بنائه وحمايته.