فهد الحوشاني
الإعلان الذي نشره صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير الشعر والثقافة في عدد من الصحف، يمكن اعتباره من ألطف وأجمل الإعلانات التي نشرت في الصحف السعودية، فهو ليس إعلاناً تجارياً يراد منه ترويج سلعة كما هي عادة الإعلانات، لكنه إعلان يروّج (للحب) من رجل كتب عن الحب شاعراً ورسمه فناناً وتعامل فيه مسئولاً، نشر الأمير تحت عنوان (إعلان) في صفحة كاملة، بعضاً من مقال أعجبه للكاتب فهد الأحمري، وفي نهاية ما انتقاه من المقال كتب (أقدم هذه الفقرة إلى كل سعودي يعتز بوطنه ومواطنيه) كانت تلك هي الإضافة التي كتبها وعلق فيها على المقال، تأثراً بمقال سرد حكاية كثير من السعوديين في جيل السبعينيات والثمانينيات وربما التسعينيات الهجرية الذين عبروا جسر التحضر السريع في بضع سنوات، وانتقلوا من كنف أسر ترعى الغنم أو تعمل في المزارع أو في مهن بسيطة، ليصبحوا مسئولين كباراً وأساتذة جامعات وأطباء مهندسين وغير ذلك!!
الكثيرون من أفراد هذا الشعب عاشوا شظف العيش وصبروا وكافحوا إلى أن أنعم الله عليهم ورزقهم من الثمرات، وهم في وادٍ غير ذي زرع مقارنة ببلدان فيها من الأنهار والثروات بل والنفط! ولكن تلك الشعوب عانوا وما زالوا يعانون من الفقر التخلف!! وبينما شعوب كثيرة تجري من تحتها الأنهار يأكلون الخوخ والرمان والكرز كان الآباء والأجداد يحلمون بـ(الشبع) من التمر! كان والدي -رحمه الله- يروي لي بعض مواقف الجوع التي مرَّت بالناس ثم يذكر عبارة كان يرددها أهالي عنيزة في الخمسينيات والستينيات الهجرية معلقين تجاه إحدى الأسر الأرستقراطية، الذين لهم أقارب في الهند ويعتبرون من التجار الأثرياء تقول العبارة
(إن الـ..... لو أرادوا لشبعوا من التمر) هذا كان حلم الكثيرين بأن يشبعوا من التمر!! الصورة الآن مختلفة تماماً فقد بدل الله سبحانه الحال، فالمملكة قد قفزت تنموياً في بضعة عقود وهي سنوات قصيرة جداً إذا ما قيست بعمر الدول لنجد دولتنا تقف إلى مصاف الدول ذات الرفاهية والتحضر، في وقت نرى دولاً (غنية) بثرواتها الطبيعية تراجعت إلى الوراء كثيراً اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، وأصبحت المملكة وشعبها هم الملاذ لشعوب تلك الدول! فساهم الخير السعودي في نمو بلدان كثيرة وفتح بيوتاً في مختلف بلدان العالم لتصبح بحق مملكة الإنسانية!
خالد الفيصل كمواطن ومثقف، يسمع ويقرأ ما يحاك ضد المملكة من أعداء تقليدين، ومن أعداء كشف الله ستر مؤامراتهم وخزي خياناتهم لدينهم وعروبتهم بعد أن وضعوا أيدهم بيد الفرس الذين لا يريدون خيراً للأمة العربية بل وللعالم كله.
الفيصل التقط بحس المواطن الغيور على وطنه تلك الكلمات في مقال فهد الأحمري فحوّلها إلى إعلان وطني بامتياز! لولا هذا الحس الوطني عند سمو الأمير لمر المقال مرور الكرام، لكن المعنى العميق للمقال أدركه الفيصل فتحوّل إلى إعلان عن حب الفيصل للوطن والمواطن.
ويستمر الأمير الفنان المثقف واضعاً بصماته وراسماً بالريشة والكلمة سيرة حب في لوحة الوطن.