د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
قد تعجز كثير من اللقاءات الصحفية مع القادة العظماء أن تستنطق الدهشة، ولكنها حضرت «منقادة تجرر أذيالها» في لقاء سمو ولي العهد محمد بن سلمان مع «فريدمان»، وذلك في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر الماضي ومن فرائد اللقاء قول «فريدمان»: «لقد مرَّ وقت طويل جدًا منذ أن تكلَّم معي زعيم عربي بسيل عارم من الأفكار الكبيرة التي ترمي إلى إحداث نقلة في بلاده»..
نعم، كان لقاء ولي العهد حضورًا مهيبًا مكتنزًا، ترتفع راياته التي أشرع خلالها سموه نوافذ الضوء كما عهدناها منه - حفظه الله - في حديث الرؤية؛ عندما عقد الألوية لتحلق بلادنا وتكون لها منارات فوق الأرض تمتد إلى سمائها الصافية، وأيقن سموه أن بلادنا مكتنزة مكانًا ومكانةً؛ وأن الشباب مجرة نيرة لابد أن تشع أنوارها في حنادس الأرض لتشرق وتُخصب؛ ولابد أيضًا أن تمهد لهم الدروب ليحصدوا المبادرات المتفوقة؛ فقاد سمو ولي العهد وباقتدار استثنائي منصات صناعة التغيير في بلادنا؛ ليصدِّر للعالم منتَجًا سعوديًا فريدًا ومميزًا، وفي لقاء سموه مع «فريد مان» طرح سموه إستراتيجيات ليست قابلة للتبديل بل هي جاهزة للصعود والمنافسة العالمية، واصطفَّت الفرص الذهبية الملأى أمام الدولة السعودية الحديثة، وتربع خلال الحوار الصحفي الشاهق خطاب التنوع في الاستثمارات، وتوالى الحديث المحفز، فانبرى سمو ولي العهد يبني مدارج الإدراك الكبير لما هو آتٍ كلما تحدث في شأن داخلي أو خارجي أو سانحة حديث. ولقد حفل اللقاء الصحفي الكبير في جل ثناياه باحتفال سموه بتشريع الأنظمة لمعالجة الخلل ومحاربة الفساد؛ حين أدرك سموه أن التنفيذ يشكِّل نصف التحديات عندما يتعلق الأمر بتحسين الأداء من أجل التغيير. وبدتْ الحكمة في حديث سمو ولي العهد عندما أجاد صياغة ورسم شكل الدولة السعودية المهابة من خلال تعزيز النزاهة من وجعل الاستشهاد بالشرع الحكيم متكأ، فقال حفظه الله «السكوت عن الفساد مخالفة شرعية لا تليق ببلادنا ومكانتها، ولا بسمعتنا ولا بتاريخ بلادنا».. إلى آخر ماورد في حديث سموه من مفاصل القول المؤطرة بإستراتيجيات حاضرة يُحتَفَى بها شعبيًا في الصحارى والحواضر، ويشاد بها عالميًا.
ومن اللافت في حديث سمو ولي العهد أن اليقين بقدرات المواطن السعودي قد تربَّع في كل مفاصل الحديث فكان بمنزلة الفواصل المضيئة التي تثبت قدرة المواطن على الوفاء لعهود التنمية الجديدة، ودعم التفكير المشترك في ممكنات الإصلاح، وحفز النسيج الاجتماعي برمته ليكون حاضرًا في المشهد السعودي الحديث. وتناثرت في اللقاء مفردات القدرات التي تقود المقدرات السعودية وتحتضنها بلادنا، وتحملها فوق الأعناق، ويقود مشاعلها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهما الله.
«ذلل الصعب? ما تبدَّى له الصعبُ
وألوى بالمشكلات الرهيبة
يحكم الشرعُ والعدالة فينا
والأمانة في سوحنا محبوبة