لا أدري أينا تغلغل بالآخر أنا أم القصة القصيرة، إنها حكايتي التي لا تنتهي وتعشش في عقلي، أهرب منها إليها..
ككل الأطفال أركض وألعب وأتخاصم، وهي تدور في مخي في أوقات كثيرة استنبط الحكاية، وتتوالد في ذهني من أشياء بسيطة، ومن ثم أحكيها لصديقاتي وإخواني وأوصلها لأمي التي تسمعني وتعوذني بالرحمن من شر كل حكاية احكيها.. وترى أن عقلي أصغر من كل الحوادث والحكايات.
كان بيتنا بيت الحكايات الكثيرة، جدتي لابي منبع الحكايات وجدتي لأمي أيضا، وكذا أمي في أوقات روقانها وما أقلها..
كبرت وكبرت حكاياتي وقصصي تمرد بعضها على الكثير من الواقع وشطح لعوالم أخرى، وراح يناقش الكثير.
فالقصة بلا فكرة لا شيء ولها هدف من كتابتها وإلا هي مجرد هذر، وكلما تعلمت وكلما غذت التجارب ذاتي كبر في القصة المقال وزادت جرعته.. حتى أحيانا أظنني غاصة بالغين..
تتوالد الحكاية وتستمر وكـأنني أحيك ثوبا، وهذا الثوب عليه أن يكون بلون خاص ومقاس خاص؛ لذا غالبا تولد القصة ويتأخر نشرها لعوامل التهذيب والترتيب والمحايلة أحيانا على الرقيب.. لكل مجموعة من مجموعاتي حكاية ولكن آخر مجموعة حكايتها غير، كنت في المستشفى وتعبت جدا لدرجة ظننت اني لن أقوم منها فسلمتها لابنة اخي التي تولتها حيث بنتي مشغولتين بي، خرجت وسلمت وخرجت المجموعة وها أنا أحكي الحكاية .. أحب قصصي وأحيانا أشعر ان أشخاصها جزء مني خرجوا وصاروا حولي.. بعضها يطاردني ويتولد منه حكاية أخرى، بعضها يولد كاملا لا أزيد عليها حرفا. وبعضها تبقى معي عصية.. بعضها تعجبني لتبقى معي كالطفلة الجميلة التي لا أستطيع وضعها أمام المتلقى حتى أجدها كبرت واستمتعت بوجودها جنبي..
أول قصة نشرتها لاقت نقدا قويا وكنت وقتها أتأثر كثيرا، لدرجة خفت ألاّ أنشر . ولكني تخطيت المرحلة كثيرا .. قصة /مقاطع من حياة قصة /نزلت فنشرتها كما هي ، هذه القصة اعتمدت اسلوب السيناريو .. ولاقت نجاحا كبيرا ولا زالت تنشر ببعض المواقع الخاصة بالقصة القصيرة ..
القصص القصيرة قد تكون أسرع انتشارا من غيرها من فنون السرد لأنها سهلة التلقي وسهلة القراءة لقصرها، وقد تتضح فكرتها بسهولة وقد يجد القارئ متعه في استنباط ماذا اراد الكاتب، وهذا يجعل من القارئ مشاركا في التأليف ، ولابد أن اعرج على الناقد الذي بدوره قد يعيد صياغة القصة ويلبسها ثوبا مطرزا جميلا لم يعه الكاتب . ولكن قد ينزل الناقد بالقصة لمقاصد أخرى ..
القصة القصيرة جدا ، أراها حكاية بليغة جدا، سطر أو سطران وتختصر كل الحكاية
وقد كتبت ايضا القصة القصيرة جدا وأحببتها..
لا تفوتني القصص الجميلة التي اقف عندها وانظر لها وأعيد أحيانا بحب قراءتها بل اكتب احيانا عنها. من القصص التي كثيرا ما اعود لكاتبها وأقرأ له قصص عزيز نسين أحببتها كثيرا وكتبت عنه ايضا بكثرة وكنت قد أعددت ورقة عنه قدمتها في الأيام السعودية في تركيا..
من القصص القصيرة التي وقفت عندها وكتبت عنها وأحببتها قصة قوية وعصية بالوقت ذاته لأديبنا عبد الله الناصر ( فخاخ العصافير ) .. لازلت تشوقني القصة القصيرة وأتابع كتابها .
حكايتي لا تنتهي مع القصة القصيرة وهي حكاية حياة و عمر، أتجدد بها ومعها .. وقد أستلهمها من أبسط الأشياء والأحداث.
** **
- شريفة الشملان