علي الخزيم
من أقوال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - هذه المقولة البليغة التي نسختُها من الصفحة الأخيرة بأحد أعداد صحيفة الجزيرة: (نطلب من المجتمع بكافة مؤسساته وأفراده أن يسعى في دعم مؤسسات التعليم، لأنّ التربية والتعليم رسالة مشتركة من الجميع لا يمكن لجهة بمفردها أن تتحمل أعباءها وتحقق أهدافها، كما لا يمكن للجندي المجاهد أن ينفرد بأداء واجبه ما لم يكن مِنْ خلفه مَن يصنع ذخيرته ويعدّ عدّته).
استحضرت هذه المقولة الكريمة وأنا أقرأ خبراً مفاده أن وزارة التعليم قد وجهت إداراتها التعليمية والجامعات للاحتفاء باليوم الدولي لمكافحة الفساد، الذي سبق أن اعتمدته الأمم المتحدة يوم التاسع من ديسمبر من كل عام، وذلك بتنظيم عدد من البرامج المدروسة والفعاليات والأنشطة التثقيفية الهادفة للتوعية بأهمية النزاهة، وترسيخ مفاهيمها بالمؤسسات التعليمية، وزرع هذه الثقافة الراقية بين الأوساط التعليمية والتربوية وفي نفوس الطلاب، ودعا التعميم الذي وجهه الوزير للقطاعات، إلى استثمار الإذاعة المدرسية وحصص النشاط الطلابي وإقامة المعارض التوعوية المعززة لقيم النزاهة بالمجتمع وعمل اللوحات الجدارية بمدارس التعليم العام، ودعم أنشطة أندية نزاهة بالجامعات والكليات والاستفادة من المنشورات التوعوية المتاحة على موقع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
التوجيه الكريم بسعي المجتمع بكل مؤسساته لدعم التعليم ليقوم برسالته السامية؛ يتضمن مكافحة كل أشكال وصنوف الفساد باتخاذ النزاهة منهجاً وطريقة حياة بين كافة أطياف المجتمع؛ وترسيخ هذا المبدأ وما يرتبط به من مفاهيم بين الناشئة والصغار بالمدارس، لتنتقل معهم مشاعر الصدق والأمانة والشفافية بالمراحل التالية وبعد تخرجهم وتقلدهم الوظائف ثم المناصب القيادية بمستقبل حياتهم الوظيفية والعملية حتى لو كان بأعمالهم الخاصة، ويندرج هذا ضمن جهود المملكة لمكافحة الفساد وتوقيعها الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن كاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أقرت عام 2004م ، إضافة إلى قيام المملكة بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عام 2011م وربطها بمقام خادم الحرمين الشريفين، وانبثق عنها إنشاء عدد من الأجهزة الرقابية في قطاعات ومؤسسات الدولة، فمن هنا يتأكد حرص القيادة الرشيدة أدام الله عزها على نشر العدل والمساواة والنزاهة في أوساط المجتمع بكل تعاملاته، كما يتأكد وجوب سعي المواطن كلٌّ في موقعه لتكريس وتعميم هذه المقاصد الخيرة ليس بالأقوال فقط بل بالعمل والتطبيق الصادق، كما كان أسلافنا يفعلون إلى أن كسبوا مشاعر كل من تعامل معهم، فاطمأنوا لصدقهم وعدلهم بالبيع والشراء وكافة المعاملات الثنائية والجماعية، مما كان سبباً لانتشار الإسلام في بقاع الأرض.
في 2016 تقول إحصائيات الأمم المتحدة أن قيمة الرِّشَى قد وصلت إلى تريليون دولار، فيما وصلت المبالغ المسروقة بسبب الفساد إلى أكثر من ضعف هذا الرقم، بما يعادل 5 % من الناتج المحلي العالمي، كما أشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أنّ قيمة المفقود من المساعدات المالية بسبب الفساد بالدول النامية تعادل 10%؛ وعليه فإنّ الفساد يُعَد من أكبر العقبات أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة.