فيصل خالد الخديدي
يحرص الفنان عبدالله حماس في بنائه الفني على أن تكون مفرداته غزيرة ومتنوعة، وأن ينسج علاقاتها بشيء من الروابط المتناغمة والمتباينة لونياً حتى غدت مفرداته مقامات لونية لا تتجاوز في عددها المقامات الشرقية الثلاثمائة وستين ولا تقل عن الألوان الثلاثة الأساسية التي ينسج منها قبائل لونية تصطف بأناقة في إيقاع جنوبي ينساب بسلاسة وتماسك وتناغم ليحرر العين من قيد اللوحة إلى فضاءات أرحب من اللون وعلاقاته وحيويته ووصفية تسجيلية برؤيته لحياة بأزيائها وطقوسها وجمالياتها الشكلية والطبيعة، فاشتغال حماس على المفردة الشعبية الجنوبية يجعل مقطوعاته اللونية في حالة انتشاء دائم، وصيرورة أنغامه الشكلانية تؤصل لإيقاع جنوبي اللحن حياتي الموضوعات تخرج من السطح لتاريخ لون ونغم يؤصل لجمالية حالة معاشه لا يزال مسكوناً بها من بقايا قريته التي عاش فيها قبل أكثر من أربعين عاماً، ولكنها عاشت فيه طيلة سنواته وصنعت من أعماله منصة لون وشكل يصدح منها مقطوعاته اللونية ومفرداته الشعبية التي لا تمل الغناء والحداء بصوت لون وطرب إحساس.
إن غزارة إنتاج الفنان عبدالله حماس جعل اشتغاله على مفرداته يأتي دون تكلف أو افتعال وجعله يخرج بأعماله في أكثر من ثلاثين معرضاً شخصياً ليضع اسمه ضمن التشكيليين السعوديين المؤثرين في الساحة التشكيلية المحلية والمتأثرين بالبيئة السعودية والمفردة الجنوبية والتراث الشعبي لمنطقته، ويسجل حضوراً لونياً متميزاً في مستوى صدق مرتفع مع منجزه ولونه ومفرداته، حتى في اعتماد الفنان على مساحات لونية ذات بعد واحد دون تدرج أو أشكاله الهندسية لم ينتج عملاً جامداً في بنائيته ولا زخرفياً في طرحه بل حيوياً متحركاً في معظم أعماله بتنويع عزف مفرداته، أعمال الفنان عبدالله حماس تسعى لتشكيل هوية ذاتية للفنان تتكئ على مفردات من البيئة والتراث الجنوبي المختزل في ذاكرته كفنان عاشها وأعاد صياغتها بتبسيط رموز وقوة لون، فهي ذاكرة جمالية ملخصة العناصر مختزلة الموضوعات وبنائية بسيطة متماسكة وممتدة في أفق أوسع من إطار أعماله، ومهما صغرت أحجام أعماله أم كبرت فرموزه ومفردات مستمرة في الغناء وفق سلم لوني موسيقي يختص بعبدالله حماس وحده.