متابعة - محمد المنيف:
حدث ثقافي لن يُنسى، ولن تمحوه الأيام؛ إذ شكل جسرًا ثقافيًّا بين العالم العربي عامة، والخليج وأوروبا ممثلة في الطرفين (الإمارات العربية المتحدة وفرنسا).. ذلك هو متحف لوفر أبوظبي الذي افتُتح قبل أيام على أعلى مستوى من الاهتمام والحضور؛ إذ قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وفخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمشاركة عربية وخليجية، على رأسها خادم الحرمين الشريفين ممثلاً في وزير الثقافة والإعلام معالي الدكتور عواد صالح العواد، وكذلك كل من الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين والرئيس محمد أشرف غني رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية، وعدد من ممثلي الدول الشقيقة والصديقة، بافتتاح المتحف.
كلمات غنية بالمعنى تناسب المبنى
وقد ألقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي كلمة غنية بالمعنى، تمثل مشاعر صادقة، عانقت المقر والمبنى، جاء منها: «نجتمع اليوم في قبة اللوفر أبوظبي، قبة النور، في منطقة يحاول أصحاب الفكر الظلامي أن يرجعوا حضارتها إلى عصور الجهل والتخلف. متحف اللوفر أبوظبي مفخرة ثقافية، ومحطة فنية، ستجمع الشرق والغرب، ويمثل قدرتنا على محاربة الظلام بالنور، ومحاربة الجهل بالفنون، ومحاربة التطرف الفكري بالجمال الفني. متحف اللوفر رمز للتلاقي الفكري والإنساني، وعنوان للتسامح والتواصل.. وندعو ليس فقط للحوار والتواصل بين الحضارات بل للتحالف بينها، تحالف يحمي الحضارة الإنسانية من أعدائها. رسالة متحف اللوفر أبوظبي هو أن قوتنا كبشر في تواصلنا وتبادل ثقافاتنا، وقوتنا في تلاقي العقول وتعارف الشعوب وتحالف الحضارات. أتوجه بالشكر للجمهورية الفرنسية ممثلة برئيسها إيمانويل ماكرون في دعم هذا المشروع الحضاري؛ ليرى النور. باسمي وباسم شعب الإمارات، وباسم دعاة الخير والسلام، أشكر أخي محمد بن زايد الذي وقف خلف هذا المشروع؛ ليدفع العالم حضاريًّا وثقافيًّا للأمام. هذا المشروع يمثل جزءًا من إرث زايد الذي يحمله محمد بن زايد في قلبه. إرث زايد في حب الإنسانية وخلق التقارب والتواصل بين البشر والحضارات. هذا المتحف يمثل أجمل ما في الشرق وما في الغرب، وسيكون ملتقى لمحبي الفن والجمال والثقافة من كل أنحاء العالم».
مَعْلم استحق الدعم فحقق الهدف
لقد تحقق للإمارات العربية المتحدة بهذا الحدث الذي يمثله افتتاح لوفر أبوظبي السبق في إبراز دور الثقافة في زمن غلبت فيه الأحداث السياسية الكبيرة؛ فكان بمنزلة الضوء الذي يلفت النظر، وينير طريق التعايش السلمي من خلال مثل هذه المنابر الجمالية التي قال عنها سمو الشيخ محمد بن راشد بما يختصر ما يختلج في نفوس كل من يهمه أمر الثقافة والفن والمتاحف التي تعيد المجتمعات إلى تاريخها وأصالتها عندما يقول سموه: «متحف اللوفر أبوظبي مفخرة ثقافية ومحطة فنية، ستجمع الشرق والغرب، ويمثل قدرتنا على محاربة الظلام بالنور، ومحاربة الجهل بالفنون، ومحاربة التطرف الفكري بالجمال الفني». عشر سنوات من التحضير لأحد أشهر المعالم الثقافية في الوطن العربي، وافتتح المتحف أبوابه كمؤسسة مستقلة، استعارت اسم اللوفر لمدة 30 عامًا.
محطة تاريخية ثانية لأشهر متاحف العالم الذي يأخذنا في رحلة فريدة، تسلط الضوء على الحضارات الإنسانية وتاريخ البشرية، بدءًا من عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا.
ويضم المتحف مجموعة مقتنيات وأعمالاً معارة من أعرق المتاحف في فرنسا، تستمد أهميتها من بُعدها التاريخي والثقافي والاجتماعي، وتم توزيعها على اثنتي عشرة صالة عرض، تروي قصصًا من مختلف الحقب التاريخية التي مرت بها البشرية.
يضم المتحف أكثر من 620 عملاً فنيًّا بين اكتشافات أثرية وفنون زخرفية ومنحوتات، إضافة إلى مخطوطات قديمة، تعود لمختلف الديانات.
هذا المحتوى الثقافي المميز يحتضنه مبنى لا يقل تميزًا؛ إذ يعتبر المتحف معلمًا معماريًّا عصريًّا، تحيط به المياه من كل الجهات، وهو من تصميم المصمم العالمي جان نوفيل، وتغطيه قبة كبيرة مؤلَّفة من قِطع معدنية مستوحاة من ظلال أشجار النخيل المتداخلة؛ ما يعطيه طابعًا وجغرافية الوطن العربي.
مشاعر التشكيليين السعوديين بمناسبة الحدث
لا شك في أن للفنانين التشكيليين فرحتهم وسعادتهم التي لا تقل بأي حال عن مشاعر إخوانهم المثقفين والتشكيليين الإماراتيين؛ فقد تحدث للصفحة نخبة من التشكيليين السعوديين، جاءت على النحو الآتي: نبدؤها بالدكتور محمد الرصيص الذي قال: إن افتتاح لوفر أبوظبي حدث ثقافي تاريخي مهم جدًّا؛ لأنه يربط شبه الجزيرة العربية وشعوبها عن قرب بثقافات وفنون الحضارات الإنسانية في الشرق والغرب. كما يعد عاملاً مساعدًا لإيجاد ووصل الحلقة المفقودة التي نبحث عنها في تاريخ الفن الذي يسطره الغرب دون تدوين لحضارات العرب القديمة.
والمتحف يخلق مناخًا للحوار الثقافي البصري بيننا وبين مختلف الثقافات والأديان قديمًا وحديثًا؛ ما يعكس نشر ثقافة الخير والسلام بين الشعوب. وأنا على يقين بأن المؤرخين في الغرب تحديدًا سوف يعيدون كتابة تاريخ الفن لإضافة تلك الحلقة المفقودة عن فنون وحضارات العرب، القديم منها والحديث؛ ليكون تاريخًا موضوعيًّا متوازنًا في مصداقيته العلمية.
أيضًا قال الدكتور فؤاد مغربل: من خلال متابعتي لافتتاح معرض اللوفر في أبو ظبي، وما صاحبه من تظاهرة ثقافية وإعلامية، فإن الثقافة هي أحد أهم الأهداف الاستراتيجية التي تقود التطور في جميع مجالات الحياة، مثل الاقتصاد والتعليم والصحة. ومن أهداف المتحف إتاحة الفرصة أمام الزوار؛ ليكتشفوا مسيرة تطور الفن في مختلف الثقافات والحضارات حول العالم، الذي بدوره يعطي انطباعًا حول تطور الثقافات، كما أن تصميم المتحف يعتبر واحدًا من أهم الصروح المعمارية الذي استقى تصميمه من البيئة. والمتحف جسر حضاري. وكما قال (مايكل أول)، وذلك في كتابه (علم المتاحف)، فإن المتاحف هي الذاكرة المستدامة، وسوف يكون للمتحف تأثير ثقافي وعلمي كبير على الأجيال، بما يحتويه من منجز إنساني، يعكس البُعد الحضاري لثقافات الأمم، الذي يرتقي بالثقافة وحب الجَمال وما له من انعكاس على ثقافة المجتمع وتطوره.
من جانبها، أشارت الدكتورة خلود العبيكان إلى أن إنشاء متحف اللوفر في أبو ظبي يمثل قفزة إلى العالمية، أحدثتها دولة الإمارات الشقيقة ممثلة في إمارة أبوظبي التي استطاعت أن تضع لها موطئ قدم في ساحة المتاحف العالمية وفق أعلى المعايير. ولا شك في أن هذا التعاون المشترك بين أبوظبي وباريس هو انفتاح كبير على قطاع السياحة والآثار، ليس في دولة الإمارات فقط بل في الخليج والمنطقة العربية بأسرها.
نحن فخورون جدًّا بهذا المتحف وما يحتويه من القطع الثمينة التي تستمد أهميتها من بُعدها التاريخي والاجتماعي والثقافي، ومنها نسخة من القرآن الكريم، تعود للقرن السادس عشر الميلادي، ولوحة للفنان مانيه والفنان فان جوخ والفنان ليوناردوا دافنشي، إضافة إلى المنحوتات الكلاسيكية، ومجموعة من التحف الأثرية الإماراتية والسعودية والأردنية وغيرها، وهذا ما سوف يثري السياحة والثقافة الفنية، ويجعل المنطقة على خارطة الثقافة العالمية.
وللفنان كمال المعلم أيضًا انطباعه؛ إذ يقول: كل خطوة أو مَعلم يرميان إلى الرقي بالفن وتاريخه يحرضان على رفع ذائقة المتلقي.. وأي مبنى يضم بين أروقته كنوز الفن والثقافة والحضارة يبقى نبراسًا ساطعًا في الثقافة الإنسانية؛ فمتحف اللوفر بأبوظبي يضم كل هذه الصفات.. هنيئًا لدولة الإمارات ولأبناء الخليج بهذا المعلم الحضاري.. وشكرًا للقائمين على المتحف.. وكم يروق لي أن أرى متحفًا في عاصمة وطني الحبيب (الرياض) يضاهي المتاحف العالمية. وفي وطني من الكوادر التي من شأنها تحقيق هذا - بإذن الله - في المستقبل القريب.
الدكتورة هناء الشبلي علقت قائلة إن دولة الإمارات الشقيقة سباقة دائمًا للمشاريع الإبداعية المتميزة. ويُعد متحف «اللوفر أبو ظبي» إحدى تلك النوادر الثقافية والفنية، كما يعد كتصميم خارجي وداخلي أيقونة للجمال والإبداع، وهي خطوة جبارة في سماء الفن في منطقة الخليج والوطن العربي.
وهو أمر مشرف لكل فنان تشكيلي، ويدعو للفخر والإشادة؛ وتُشكر عليه حكومة دولة الإمارات الشقيقة؛ فهي بذلك ستبقى منبرًا للقيادة الثقافية والفنية.
وأتمنى أن نبادر نحن الفنانين بالتفكير في زيارته عاجلاً بطريقة منظمة، وبترتيب يعود بالفائدة على الجميع. كما أتمنى أن يسعى كل فنان - وأنا منهم - لأن تكون لوحاته ضمن معروضات المتحف للأعمال المعاصرة.
المتحف مَعْلم حضاري يمنح عضوية لأصدقائه
الجدير بالذكر أن متحف لوفر أبو ظبي الذي دام إنشاؤه على مدى عشر سنوات يضم أكثر من 620 عملاً فنيًّا بين اكتشافات أثرية وفنون زخرفية ومنحوتات، إضافة إلى مخطوطات قديمة، تعود لمختلف الديانات، ويحتضنه مبنى لا يقل تميزًا؛ لذا يُعتبر المتحف مَعلمًا معماريًّا عصريًّا، تحيط به المياه من كل الجهات، وهو من تصميم المصمم العالمي جان نوفيل، وتغطيه قبة كبيرة مؤلفة من قِطع معدنية مستوحاة من ظلال أشجار النخيل المتداخلة؛ ما يعطيه طابعًا وجغرافية الوطن العربي. وقد أعلن التسجيل في برنامج عضوية «أصدقاء الفن - اللوفر أبوظبي»، الذي سيتيح لأعضائه فرصة ليكونوا جزءًا من مسيرة هذا المتحف العالمي الذي سيشكل علامة فارقة في تاريخ المتاحف عقب افتتاح أبوابه للجمهور. وسيحظى أعضاء «أصدقاء الفن - اللوفر أبوظبي» بمجموعة متنوعة من المزايا الحصرية، كما سيشكلون جزءًا أساسيًّا من المجتمع الثقافي النابض بالحيوية. وسينظم «أصدقاء الفن - اللوفر أبوظبي» على مدار العام برنامجًا مميزًا من الفعاليات والأنشطة والأحداث التي ينحصر حضورها فقط على الأعضاء وعائلاتهم، ويشمل ذلك الاطلاع لأول مرة على مقتنيات وأعمال المعارض الأربعة المؤقتة التي يستضيفها المتحف كل عام.
ويقدم برنامج «أصدقاء الفن - اللوفر أبوظبي» لأعضائه فرصة استثنائية لزيارة متحف اللوفر أبوظبي مرات عدة لاستكشاف كل ما هو جديد. كما يمكن لأعضاء البرنامج الاختيار من بين فئتين من العضوية؛ إذ يمكنهم التسجيل في «عضوية+1» التي تتيح لهم زيارة المتحف مجانًا برفقة ضيف واحد، أو «عضوية+5» التي تتيح لهم زيارة المتحف وبرفقتهم خمسة أشخاص محددين. ويمكن للأعضاء وضيوفهم كذلك الدخول مجانًا إلى متحف اللوفر في باريس، والمتاحف والمؤسسات الثقافية الشريكة الأخرى.