سعد بن عبدالقادر القويعي
كان من المذهل ما قاله -الكاتب الأمريكي- توماس فريدمان في عرضه لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، بعد مقابلة أجراها مع ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع -الأمير- محمد بن سلمان، بأنه: «لم يخطر ببالي -قط- أنني سأعيش بما فيه الكفاية؛ لأشهد -اليوم- الذي تتسنى لي فيه كتابة الجملة التالية: تشهد السعودية -اليوم- عملية الإصلاح الأكثر أهميةً؛ مقارنةً بأي بُقعة من بقاع الشرق الأوسط، نعم، فأنتم تقرؤون ما كتبته بشكل صحيح، وعلى الرغم من أني جئت إلى السعودية أثناء بداية فصل الشتاء فيها، إلا أني قد وجدت البلاد تمُر بربيعها العربي على النمط السعودي»، وهي -في تقديري- شهادة تكشف لنا دقة المرحلة في قراءة العقل -السياسي والاقتصادي والعلمي-؛ لرسم مستقبل بلد، ورسم مستقبل أجيال قادمة، والتي نستنطقها في ضوء المستجدات -الإقليمية والعالمية- التي بدأت تميز وضعنا الراهن.
إعادة ترتيب الأوراق في الوقت الراهن؛ من أجل إحداث إصلاح فكري، وصياغة ثقافة المجتمع نحو التقدم في جميع المجالات -السياسية والاقتصادية والاجتماعية-، بدأت بالحديث عن أبعاد حملة مكافحة الفساد في المملكة، وذلك بمحاسبة كبار المسؤولين، ونزولاً إلى من دونهم من الأعلى إلى الأدنى، والعمل على إعادة الإسلام إلى أصوله، كما التطرق إلى السياسة الخارجية السعودية، -بدءًا- من الحرب المدعومة سعودياً في اليمن، والتي تميل كفتها لصالح القوات الشرعية، بعد أن باتت تسيطر على معظم البلاد، -ومرورا- بالحديث عن سيطرة ميليشيا حزب الله الإرهابي اللبناني ، التي بدورها تخضع بشكل رئيس لسيطرة إيران، التي تهدد المنطقة، -وانتهاء- بوصف المرشد الإيراني
بـ»هتلر» جديد في منطقة الشرق الأوسط، -إضافة- إلى إشادته -بالرئيس الأمريكي- دونالد ترمب، ووصفه إياه بـ»الرجل المناسب في الوقت المناسب».
لسنا مختلفين في تشخيص الواقع، ولا في التطلعات، والآمال، وقد نكون غير مختلفين في ترتيب الأولويات؛ لأن الإصلاح بات مطلبًا ضروريًّا على الصعيدين -الداخلي والخارجي-؛ لتغيير الأوضاع القائمة بكل مساوئها، والتخلص من المعوقات، والقيود التي تعيقه من الانطلاق، والأخذ بمقومات بناء دولة حديثة، لا تعرف حدودا للتطور. وهذا ما ينبغي علينا السعي؛ لإيجاده بالشكل المناسب، فالآفاق المستقبلية لمختلف المستويات من الجد، والاجتهاد، والعمل الدؤوب، وعلى مختلف الأصعدة
-السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية-، وعلى المدى البعيد ذات منحى متفائل، وآخذ فـي الصعود، والسير في مسارات التجديد، والإبداع، والاعتماد على التفكير العلمي الحقيقي الذي يتناول المجموع، ويؤدي إلى الإصلاح الشامل في شؤوننا -الخاصة والعامة-.
ملامح شخصية الأمير محمد بن سلمان، وخبراته -الإدارية والتاريخية-، والمقرونة بحكمة القيادة، وبعد نظرها في التعامل مع مختلف التطورات، والمواقف، سينعكس -بلا شك- إيجاباً على حياة المواطن، وتوفير الرؤية الواضحة؛ من أجل تحديد، ومعالجة المشكلات، والاحتياجات ذات الأولوية، وتهيئة كل سبل، ومقومات التقدم، والنجاح، والارتقاء بالذات، بما في ذلك تنمية، وبناء، وتأهيل الإنسان؛ ليكون شريكًا حقيقيًا للدولة في عملية التنمية، والرقي، مع عدم إغفال أهمية تعظيم قيمة التفكير العلمي، والعمل كفريق واحد، والإحساس، والإيمان بالمواطنة كأساس؛ لتوافق فئات المجتمع.
لطالما صنع فرد واحد تاريخ شعب، ودولة -معاً-؛ اعتمادًا على بناء الإنسان، وقبله الاعتماد على القيم الحضارية، وشواهد التاريخ، وأعراف التقاليد، إلى جانب تفعيل مبدأ الشفافية، وانخفاض نسبة الفساد -الإداري والمالي-. وأستطيع القول بكل طمأنينة: إن المرحلة التي نعيشها -اليوم-، ستكون الفاعل الأكبر في تشكيل الوعي، والتاريخ -المعاصرين-، وبناء عملية النهوض؛ للوصول إلى النهضة المنشودة، وذلك بعد استكمال أدواته؛ خدمة للوطن، والمواطن؛ وتجلية لهدي رسالة الإسلام في نظام القرية العالمية المعاصر؛ حتى يأتي التقدير حقيقياً، ومتوازناً.