ماجدة السويِّح
واجه الشعب الأمريكي خلال الانتخابات الأمريكية عام 2016 أكبر عملية استغفال وتحريك جماعي لتنفيذ أجندات خارجية من قبل الهاكرز الروس عبر الفيسبوك، للمشاركة فيما لا يقل عن 60 مسيرة واحتجاج في أراضيهم، دون أن يعلم المحتجون حينها من يقف خلف هذه الدعوات المشبوهة، فبحسب قناة «سي إن إن» وصحيفة «وول ستريت جورنال» أن عملاء روس أداروا ثمانية حسابات على الفيسبوك، لتمويل ونشر المسيرات في العديد من الولايات الأمريكية.
تخيل نفسك عزيزي القارئ في ذلك الموقف، كأداة أو دمية تم تحريكها، لتنفيذ أهداف وأجندات لا تعلم عنها شيئا، كل ما تعرفه أن التعامل العاطفي هو ما دفعك لتبني قضية أو نصرة مشهور تجهله أكثر مما تعرفه، إحساس فظيع بالطبع سيصيب من يصحو يوما، ليجد نفسه دمية تلاعبت بها قوى أخرى بدافع سياسي، اقتصادي، وربما دوافع شخصية، قد لا تدركها في حال ركوبك الموجة.
ربما أكثر صفعة وجهت لمستخدمي تويتر السعوديين «سارة إبراهيم»، الأيقونة التي تعاطف معها القاصي والداني في الشارع السعودي، شخصيات اعتبارية ومشاهير ومؤسسات إعلامية ركبت الموجة دون تثبت وتقصي عن الحساب وصاحبه، ليفاجأ العديد بأن سارة لم تكن سوى وهم استغلت المتابعين، وظفرت بالمكاسب المادية.
موجة التطبيع مع العدو الصهيوني الحالية حالة أخرى، يثيرها بالطبع من يجني من خلفها مكاسب سياسية واقتصادية، ويسعى لخلق عداوات ومشاكل بين الشعوب. لم تكن هذه الموجة الأولى، وبالطبع لن تكون الأخيرة، لكن ما يلفت الانتباه مشاركة عدد من الكتاب والمثقفين السعوديين في تأييد موجة التطبيع مخالفين بذلك سياسة المملكة الثابتة في رفض أي تطبيع وإصرارها على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وهو تحول لم نعهده من قبل المثقف السعودي الذي عادة يتعامل بذكاء ويتحاشى طرق قضايا وموضوعات حساسة، قد تسهم في خلق عداوات وصراعات بين الشعوب، وهو ما نشهده الآن من صراع بين بعض السعوديين والفلسطينيين عبر تويتر من تبادل للإهانات والشتائم، ونشر للجهل عبر نشر حقائق مجتزأة عن الاحتلال الإسرائيلي، والأدهى والأمر تزوير للحقائق التاريخية، ولعل أفظعها نشر وتداول وثيقة مزورة وكاذبة للمؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله - عن موافقته لتوطين اليهود بفلسطين، مما يستدعي من أصحاب الاختصاص المؤرخين والمثقفين تفنيد تلك الأكاذيب وبيان الحقيقة، وحفظ تاريخ المؤسس، بعيدا عن تلاعب بعض المرتزقة والانتهازيين والخونة في نشر أكاذيبهم، خصوصا بين الجيل الجديد الذي يجهل الشيء الكثير عن القضايا العربية والمصيرية كقضية القدس، والاحتلال الصهيوني التي كان الملك عبدالعزيز صاحب موقف عروبي وإسلامي شجاع في موضوع قضية فلسطين والقدس.
حتى لا تكون مغفلا ودمية تتحرك حسب أهواء صناع الحملات، لتنفيذ أجنداتهم السياسية دون شعور، وإحساس بما يحاك من خلف الكواليس، توقف عن شهوة المشاركة في كل هاشتاق يضاف ويعاد تدويره، بيدك الاختيار في إيقاف حملات الاستغفال، فحملة التطبيع التي تثار الآن تستغل ضعف وجهل المستخدم، الذي يشارك دون تفكير بالهدف الحقيقي، والقوى الخارجية التي تتلاعب بك، وتستخدمك دون دراية ومعرفة بالغرض الأساسي من إثارة قضية معينة في وقت محدد.