ياسر صالح البهيجان
في أكثر من مناسبة شدَّد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أن المملكة تقود مشروعًا دينيًا إصلاحيًا بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدين الإسلامي السمح، واستعادته من الجماعات والتنظيمات المتطرفة المستغلة لها والتي اختطفته لعقود من الزمن ولوثته بأفكارها المتشددة وجندت الشباب للإساءة إليه، حتى وصم ديننا الحنيف بتهم باطلة بفعل بعض المنتسبين إليه، وهو بريء منها بنصّ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
وثمة ثلاثة مرتكزات كبرى تمثِّل إستراتيجية واضحة لتنقية الدين الإسلامي من الشوائب العالقة به بفعل السفهاء؛ وهي، محاربة الإرهاب ومن يقفون خلفه، رفض فكرة تحزيب الدين وتقسيمه، ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي المشترك.
إن تبني الحرب على الإرهاب يؤكّد أن الدول والمجتمعات الإسلامية ترفض نهجه ولا تعتبره منتسبًا للدين، والمحاربة هنا ذات بعدين داخلي؛ يبرز في ملاحقة دعاة التطرف من داخل المجتمع وإن لم يعلنوا انتماءهم الفعلي لتنظيم بعينه، ما داموا ينتمون إليه فكريًا ويروّجون لمبادئه التكفيرية، وخارجي يتمثَّل في الانضواء ضمن تحالفات دولية تروم ضرب معاقل التنظيمات الإرهابية والتعاون الاستخباراتي لكشف مخططاتها، والمساعدة الجادة في تجفيف منابع تمويلها.
كما أن رفض فكرة تحزيب الدين الإسلامي وتقسيمه إلى جماعات وكيانات منفردة ومستقلة يعد من أولويات مساعي استعادة التصورات الصحيحة للدين. ولم ينتج عن تلك الأحزاب سوى المساجلات الجوفاء وادعاءات احتكار التدين وتكفير الآخر المختلف، والتخابر ضد الأوطان لتحقيق مصالح حزبية ضيقة، وتفتيت المجتمعات الإسلامية. ولم يُحدث وجودها أي إضافة إيجابية لا للدين ولا للمجتمع، وأثبتت الواقع التاريخية أنها متورِّطة في تشويه الإسلام وسماحته، لذا لم يعد الصمت عن دورها الآثم مقبولاً.
ومن المهم الإشارة إلى أن استعادة المفاهيم الصحيحة لديننا الحنيف تنطلق من ثلاثة مبادئ سمحة، التعارف، الحكمة، والرفق، في الأولى قال المولى في محكم التنزيل: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، وفي الثانية قال سبحانه: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، وفي الثالثة قال رسولنا الكريم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانهُ».
هذه القيم الثلاثة الدالة على اعتدال الدين الإسلامي ودعوته للتعايش السلمي وتغليب الحكمة والرفق في التعامل من شأنها أن تعيد لديننا مكانته الطاهرة، وتنقيه من دنس الأفكار الضالة والمنحرفة، وتعصم الشباب من الولوغ مستنقع الإرهاب والتطرف.